فصّل صاحب الكفاية (١) بين ما إذا كان تقييد الواجب بالوقت بدليل متصل ، فلا دلالة له على وجوب العمل بعد مضي وقته ، وما إذا كان التقييد بقرينة منفصلة.
وأورد عليه الميرزا قدسسره بما حاصله (٢) : انه لا فرق بين القرينة المتصلة والقرينة المنفصلة ، فانّ كلا منهما تدل على انّ مراد المولى كان مقيدا من أول الأمر ، فلا فرق في النتيجة بين ان يقول المولى «صل في الوقت» أو يقول : «صل» ثم يقول : «ائت بها في الوقت» كما لا فرق من هذه الجهة بين الصورتين في غير الزمان من أنحاء القيود ، فعلى ما ذكره يلزمه الالتزام بهذا التفصيل في بقية المقيدات أيضا.
هذا ونقول : الظاهر انّ مراد الآخوند قدسسره ليس ما استظهره قدسسره ، بل هو امر دقيق صحيح جار في جميع المقيدات المنفصلة ، وهو انه إذا ثبت وجوب شيء ثم دل دليل مقيد لذلك الواجب ، فتارة : يكون لكل من الدليلين إطلاق لحال تعذر ذلك القيد وعدمه ، وأخرى : لا يكون لشيء منهما إطلاق ، وثالثة : يكون لأحدهما إطلاق دون الآخر ، فالصور أربع.
امّا ان كان للدليل المقيد إطلاق كما في قوله «صل عن طهارة» أو «لا صلاة إلّا بطهور» فإنّ إطلاقه يعم صورة تعذره وعدمه ، من غير فرق بينهما ، ولا وجه لما ذكره المحقق القمي قدسسره من انّ المقيد إذا كان بصيغة الأمر لا يتم له إطلاق ، ولا يعم صورة عجز المكلف ، إذ يستحيل تكليف العاجز ، وذلك لما ذكرناه في محله من انّ هذه الأوامر ليست تكليفية ، وانما هي إرشاد إلى الجزئية أو الشرطية.
وبالجملة إذا كان للمقيد إطلاق يؤخذ به من غير فرق بين ما إذا كان لدليل الواجب أيضا إطلاق أم لم يكن ، فانّ إطلاق المقيد يتقدم على إطلاق المطلق فيثبت القيدية المطلقة ، ولازمه ان لا يبقى امر بالواجب عند تعذر ذلك القيد.
__________________
(١) كفاية الأصول ـ ج ١ ـ ص ٢٣٠ (ط قديم).
(٢) أجود التقريرات ـ ج ١ ـ ص ١٩١.