دليل الحجية جميعها ، فلا اعتبار بشيء منها. هذا كله في المعارضة بين حكمين واقعيين أي على الطريقية.
واما المعارضة بين الدليلين من حيث الحكم الظاهري بأيّ معنى فسر ، فعلى مسلك الأشعري والمعتزلي يكون تنافيهما من باب التزاحم لتمكن المكلف من امتثال أحد الحكمين وعجزه عن الآخر ، فيلحقه حكمه ، واما على القول بالمصلحة السلوكية ، فالظاهر سقوطهما وعدم دخوله في باب التزاحم ، وذلك لأنّ فعلية حجية الطريق مقوم للمصلحة السلوكية ، وقد عرفت عدم شمول دليل الحجية لكل منهما.
هذا كله في حكم التعارض.
وأما التزاحم فالتخيير أو الترجيح فيه هو مقتضى القاعدة الأولية وبحكم العقل ، أي العقل يستكشفه ، فإذا كان لأحدهما مرجح على الآخر يحكم بتعينه ، كما لو فرضنا انّ أحد الغريقين مؤمن والآخر غير مؤمن ، أو فرضنا انه وقع من شاهق ودار الأمر بين أن يقع على رأس مؤمن فيقتله أو على رأس كافر ذمي فيقتله وكان متمكنا من تحريك بدنه نحو أيّ منهما شاء ، فيتعين الأول بحكم العقل لا محالة ، ولو لم يكن لأحدهما مرجح فيحكم بالتخيير ، ولا مجال فيه للتساقط بعد كون المكلف قادرا من امتثال أحد الحكمين ، فهل ترى من عقلك في الغريقين ان يقول بسقوط كلا الحكمين لعدم المرجح؟ كلا.
وبالجملة فالتخيير أو الترجيح في المتزاحمين انما هو بحكم العقل أي بإدراكه ، ولا مجال فيهما للتساقط ، وفي المتعارضين لا بدّ وان يثبت بدليل شرعي ، وإلّا فالعقل يحكم بالتساقط. ونتعرض إن شاء الله لمرجحات باب التعارض في محله.
واما مرجحات باب التزاحم ، فأمور :
الأول : ان يكون لأحد المتزاحمين بدل عرضي دون الآخر ، بان يكون