النواهي
ذكروا انّ النهي هو طلب ترك الفعل ، وذكر بعض آخر انه بمعنى الكف عن الفعل ، وهو أمر وجودي بتخيل انّ الترك وعدم الفعل خارج عن قدرة المكلف ، فانه أزلي ، فيستحيل تعلق الطلب به. إلّا انه غير صحيح ، فانّ العدم الأزلي وان لم يكن مقدورا للمكلف ولذا كان متحققا قبل وجوده إلّا انّ إبقاء العدم واستمراره أمر مقدور له ، وإلّا لما كان الفعل أيضا مقدورا ، فانّ المقدور ما كان طرفاه تحت قدرة المكلف وإلّا لكان الفعل ضروريا كما في المعالم ، وهذا ظاهر.
إلّا انّ الصحيح : انّ النهي كالزجر متعلقه نفس الفعل ، لا الترك ولا الكف ، غايته انّ الأمر هو البعث نحو الفعل لمصلحة فيه تكون هي الباعث للمولى ، والنهي زجر عنه لمفسدة فيه تكون هي الزاجر ، ففي الأمر يعتبر المولى لا بدّية الفعل على ذمة المكلف ، وفي النهي يعتبر حرمانه عن الفعل ، نظير البعث والزجر الخارجين.
نعم قد يستعمل النهي في موارد محبوبية الترك واشتماله على المصلحة ، كما في تروك الإحرام وترك المفطرات في الصوم ، إلّا انّ إطلاق النهي فيها مسامحة ، ولذا قد ذكر الأصحاب تروك الإحرام في الواجبات دون المحرمات ، وهذا يكون كإطلاق المبغوضية على ترك الواجبات.
ثم طلب الترك يتصور على أقسام ثلاثة : لأنه تارة يكون من قبيل العام الاستغراقي بان يكون كل فرد من أفراد الترك واجبا مستقلا ، له إطاعة وعصيان مستقل.
وأخرى : يكون الترك مطلوبا بنحو العام المجموعي الّذي نعبر عنه بخلو صفحة