وفيه : انّ اللغوية ترتفع بتقييده بأزيد من المقدار الضروري ، مثلا يراد من «لا تشرب الخمر» الزجر عنه في نصف عمره مثلا فانّ به يرتفع محذور اللغوية.
فالوجه الصحيح للاستمرار وعدم سقوط النهي بترك الأفراد العرضية آناً ما هو إطلاق المادة ، وانه بعد ما أثبتنا انّ الزجر لا بدّ وان يتعلق بالطبيعي بنحو مطلق الوجود والسريان فلا محالة تكون الأفراد الطولية أيضا متعلقة للنهي كالأفراد العرضية من غير حاجة إلى التمسك باللغوية فتأمل.
الأمر الثالث : لو فرضنا انّ المكلف عصى النهي وأتى ببعض أفراد الطبيعي المنهي عنه ، فهل يقتضي النهي الزجر عن الأفراد الأخر أم لا؟
ذكر المحقق الخراسانيّ (١) انّ إطلاق النهي من سائر الجهات لا يكفي إطلاقه من هذه الجهة ، فلا بدّ في ذلك من إطلاق آخر ، أو دليل على بقاء النهي.
ولكن الصحيح : انّ ما أفاده انما يتم في النهي الشخصي كما في النهي عن المفطرات في الصوم ، فانه لا يقتضي الزجر عن إتيان المفطر بعد العصيان ، وقد دل الدليل على ذلك من الخارج. وامّا في ما كان النهي من قبيل القضايا الحقيقية فنفس الإطلاق الأول وسريان الطبيعي إلى الأفراد العرضية والطولية يقتضي انحلال التكليف ، فعصيانه في بعض الأفراد لا يستلزم سقوطه في غيره من الأفراد.
وبالجملة جميع هذه الأمور الثلاثة مبنية على ان يكون متعلق النهي هو مطلق وجود الطبيعة لا صرف وجودها ، وقد عرفت القرينتين على ذلك.
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٢٣٣.