عنده الأمارة أو لم تقم.
الثاني : السببية على زعم المعتزلي ، بأن يكون قيام الحجة من قبيل طروّ العناوين الثانوية كالحرج والضرر موجبا لحدوث مصلحة في المؤدى أقوى من مصلحة الواقع ، وإذا انكشف الخلاف كان ذلك من قبيل تبدل الموضوع. وعلى هذا لا مجال للإشكال المزبور ، لأنه في فرض قيام الحجة على الخلاف يكون الحكم الواقعي المشتمل على المصلحة الأهم هو مؤداها ، فلا يلزم تحليل حرام ولا تفويت مصلحة أو إلقاء في المفسدة. إلّا أن السببية بهذا المعنى وان كان أمرا معقولا ، وليست كالسببية بالمعنى الأول لكنها أيضا باطلة ، لورود الروايات والإجماع على أن الواقع لا يتغير عما هو عليه بقيام الحجة على خلافه.
الثالث : السببية التي ذهب إليها بعض العدلية ، وهي الالتزام بالمصلحة السلوكية ، بمعنى أن يكون قيام الحجة سببا لحدوث مصلحة في نفس السلوك بلا تأثير على المصلحة الواقعية أو استلزامه تبدل الموضوع ، فما يفوت من المصلحة الواقعية بسبب سلوك الطريق عند المخالفة يكون متداركا بمصلحة السلوك ، مثلا لو قامت الأمارة عند المكلف على عدم وجوب صلاة الظهر في يوم الجمعة فتركها ، فان لم ينكشف له الخلاف أصلا كان المتدارك بالمصلحة السلوكية مصلحة أصل الصلاة ، وان انكشف الخلاف بعد انقضاء وقت الفضيلة فيتدارك بها ما فات من فضل الوقت ، وان انكشف بعد تمام الوقت يتدارك بها مصلحة الوقت ، هذا فيما إذا كان الترك مستندا إلى قيام الحجة. واما إذا لم يكن الترك مستندا إليه ، كالترك بعد انكشاف الخلاف ، فيكون طغيانه مفوتا لمصلحة الواقع ، فليس هناك سلوك ليتدارك به ما فات من مصلحة الواقع ، ومن ثم لو سئل عن وجه عدم إعادة الصلاة بعد ما انكشف الخلاف لا يمكنه الاستناد في ذلك إلى قيام الحجة ، بخلاف ما إذا سئل عنه قبل انكشاف الخلاف فانه يستند فيه إلى الحجة ، والسر في جميع ذلك أن المصلحة