على الفرض إنما هي في السلوك فيدور مداره ، وقد تقدم الكلام في هذا الباب مفصلا في بحث الأجزاء.
وبالجملة السببية بهذا المعنى وان كانت معقولة في نفسها ، ولا يخالفها شيء من الإجماع والروايات ، ويندفع بها الإشكال ، إلّا أنه لا دليل عليها ، ولكنه مع ذلك يكفي احتمالها في رد دعوى الامتناع المنقولة عن ابن قبة.
وأما على الثاني : أعني القول بالطريقية المحضة ، فالصحيح في الجواب عن الإشكال أن يقال : إنا وإن فرضنا انفتاح باب العلم وإمكان وقوعه خارجا ولكن إلزام المكلفين بتحصيل العلم عسر على نوع العباد ، ومناف لسهولة الشريعة وسماحتها ، فمصلحة التسهيل على النوع في التعبد بالأمارات غير العلمية تزاحم الملاك الواقعي ، فللشارع أن يقدم المصلحة النوعية العامة على المصالح الشخصية تسهيلا للدور وحفظا للمصلحة العامة ، ولا قبح في ذلك ، ونظير هذا ثبوت حق الشفعة بنحو العموم للشريك السابق ، لأنه ربما يتضرر من اشتراكه مع الشريك اللاحق ، ومن هذا القبيل طهارة الحديد ، وعدم وجوب السواك إلى غير ذلك ، فلا يكون تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة أحيانا موجبا لامتناع التعبد بالأمارة إذا كان فيه مصلحة نوعية ، على أن الالتزام بامتناع ذلك في خصوص الفرض لا يترتب عليه أثر عملي.
هذا مضافا إلى أن غالب الأمارات بل كلها طرق عقلائية ، وليس شيء منها تأسيسا من الشارع ، ومن الواضح ان ردع العقلاء عما استقر عليه بناءهم في معاشرتهم لا بد وأن يكون عن مصلحة ملزمة ، كما إذا كان الطريق غالب المخالفة للواقع نظير القياس. واما لو لم تكن هناك مصلحة ملزمة في الردع ، كما إذا كانت مخالفة الطريق للواقع قليلة بحيث تندك في قبال مصلحة التسهيل فلا وجه للردع أصلا.