وان أراد منها كون الحكم الواقعي ثابتا لذات الشيء مع قطع النّظر عن طرو العوارض من قيام الأمارة أو الأصل على الخلاف على أن يكون المجعول مهملا في نفس الأمر.
ففيه : انا قد ذكرنا في الواجب المشروط ان الإهمال النّفس الأمري غير معقول مطلقا ، وعليه فلا مناص من جعل الحكم الواقعي مطلقا وغير مقيد بعدم قيام الأمارة على الخلاف ، فيلزم محذور اجتماع الضدين ، أو جعله مقيدا بعدم قيامها على الخلاف ، فيلزم التصويب. هذا فيما يحتمل في الحكم الشأني.
واما الحكم الإنشائي ، فان أراد منه الإنشاء المجرد عن داعي البعث أو الزجر ، كما في موارد التكاليف الامتحانية وأمثالها.
ففيه أولا : ان لازم الالتزام بذلك في الأحكام الواقعية هو نفي الحكم حقيقة ، فان الإنشاء إذا لم يكن ناشئا عن البعث أو الزجر لا يكون حكما ، وإنما يكون مصداقا لما كان داعيا على الإنشاء من الامتحان والسخرية والاستهزاء ، وعليه فالتصويب باق على حاله.
وثانيا : إذا لم يكن الحكم الواقعي حكما حقيقة ولم يكن بداعي البعث أو الزجر فلا يلزم موافقته ، ولا يحرم مخالفته ، بل ليس هناك شيء يجب الفحص عنه ، مع أن وجوب الفحص عن الأحكام مما لا ريب فيه.
وان أراد منه الفعلي من بعض الجهات ، بمعنى انه لو علم به يكون فعليا كما ذكرهقدسسره.
ففيه : ان فعلية الحكم وعدمها أجنبية عن المولى بالكلية ، وإنما تتحقق بتحقق الموضوع بجميع قيوده ، فإذا امر المولى المستطيع بالحج ففعليته تكون بتحقق الاستطاعة ، ومع فعلية الموضوع يستحيل عدم فعلية الحكم ، فانه بمنزلة تخلف المعلول عن العلة ، وعلى هذا فلو لم يكن الحكم الواقعي مقيدا بعدم قيام الحجة على