الحائض بعد انقطاع الحيض وقبل الغسل إذا غسلت المحل ، مع ان الاستصحاب يقتضي حرمة ذلك قبل الاغتسال ، فان هذا الاستصحاب إذا كان من أطراف ما علم مخالفته للواقع إجمالا كان جريانه مبنيا على الكلام المتقدم ، وإلّا فيجري بلا خلاف.
المقام الثاني : وهو حال الأمارات مع الأصول اللفظية ، كما لو فرضنا ورد عام أو مطلق معلوم الصدور بالتواتر أو بغيره ، وكان في اخبار الآحاد ما هو خاص أو مقيد ، فبناء على القول بحجيتها يتقدم الخاصّ على العام ولو كان قطعي الصدور ، لأن الخاصّ بمنزلة القرينة على العام ، فيتقدم عليه. واما بناء على وجوب العمل بالأخبار من باب الاحتياط ، فهل تتقدم على العمومات والمطلقات القطعية الصدور وغيرها أم لا؟ ظاهر الكفاية وصريح بعض مشايخنا المحققين قدسسره هو الثاني (١) بدعوى : ان العام أو المطلق حجة في مدلوله ، ولا يرفع اليد عنه إلّا بحجة أقوى ، والمفروض ان كل واحد من الأمارات الخاصّ غير ثابت الحجية بالخصوص ، ومجرد العلم الإجمالي بوجود الصادر فيها لا أثر له.
والتحقيق : ان مفاد العام ولو كان عمومه بالإطلاق تارة : يكون حكما إلزاميا ، ويكون مفاد الخاصّ حكما غير إلزاميّ ، كقوله تعالى (وَحَرَّمَ الرِّبا) وقوله عليهالسلام «لا ربا بين الوالد والولد» (٢) وأخرى : يكون مفاد العام حكما ترخيصيا ، ومفاد الخاصّ حكما إلزاميا كقوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(٣) وقوله عليهالسلام «نهى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن بيع الغرر» (٤).
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ١٠٤ ، نهاية الدراية : ٣ ـ ٢٦٢.
(٢) وسائل الشيعة : ١٢ باب ٧ من أبواب الرّبا.
(٣) البقرة : ٢٧٥.
(٤) وسائل الشيعة : ١٢ ـ باب ٤٠ من أبواب آداب التجارة ، ح ٣.