ففي الصورة الأولى : يتقدم العام ، ولا يجوز العمل بالخاص بعد فرض عدم ثبوت حجيته ، لأن العلم الإجمالي بورود التخصيص على العمومات إجمالا وان أوجب سقوط أصالة العموم في كل واحد منها ، إلّا أن العلم الإجمالي بإرادة العموم من بعضها واقعا يقتضي لزوم العمل بجميع العمومات المشتملة على الأحكام الإلزامية ، ولا يعارضها العلم الإجمالي بصدور بعض المخصصات غير المشتملة على حكم إلزاميّ ، فانه لا أثر للعلم الإجمالي إذا لم يكن متعلقه حكما إلزاميا ، وعليه فيجب الأخذ بالعمومات والمطلقات من باب الاحتياط ، لا من جهة حجية أصالة العموم أو الإطلاق. نعم بناء على القول بحجية الأمارات ينحل بها العلم الإجمالي كما لا يخفى.
واما الصورة الثانية : وهي ما إذا كانت العمومات ترخيصية والخصوصات إلزامية ، فتتقدم فيها الخصوصات ولو كان وجوب العمل بها من باب الاحتياط ومن جهة العلم الإجمالي بصدور بعضها ، وذلك لأن العلم الإجمالي بصدور جملة من الأمارات الخاصة المشتملة على أحكام إلزامية يقتضي سقوط الأصول اللفظية كأصالة العموم أو الإطلاق في جميع أطرافه ، كما تسقط فيها الأصول العملية وسائر الحجج الجارية في جميع الأطراف ، فان إجراءها في جميعها يستلزم المخالفة القطعية ، وفي بعضها دون بعض ترجيح بلا مرجح ، وإذا لم تجر الأصول اللفظية في المقام فلا مجال لأن يقال : ان العموم أو الإطلاق حجة ، ولا يرفع اليد عنها إلّا بحجة أقوى.
وبالجملة أصالة العموم كغيرها من الأصول اللفظية والعملية وان كانت في نفسها حجة إلّا ان العلم بورود التخصيص عليها إجمالا يوجب سقوط حجيتها ، فلزوم العمل بها لا بد من ان يستند إلى امر آخر ، وهو العلم بإرادة العموم من بعضها واقعا ، إلّا ان ذلك لا يقتضي إلّا العمل بما كان مشتملا منها على حكم إلزاميّ دون غيره.