وبقي الكلام فيما إذا كان كل من العمومات والمخصصات المخالفة لها مشتملا على حكم إلزاميّ ، فعلى القول بحجية الأمارات لا إشكال في تقديمها على العمومات وتخصيصها بها ، واما على القول الآخر فمورد الأمارات المخالفة للعام مجمع لعلمين إجماليين متضادين ، أحدهما : العلم بصدور بعض الاخبار المحتمل انطباقه على الخبر المخالف للعام ، وثانيهما : العلم بمطابقة بعض العمومات للمراد الواقعي المحتمل انطباقه على العام المخالف للخبر ، نظير ما لو كان لرجل زوجات ثلاث كبيرة ومتوسطة وصغيرة ، وعلم إجمالا بأنه حلف على ترك الكبيرة أو المتوسطة ، وعلم إجمالا بأنه حلف على وطئ الصغيرة أو المتوسطة ، فالمتوسطة حينئذ تكون طرفا لكلا العلمين ، والحكم فيها هو التخيير ، لعدم التمكن فيها من الامتثال القطعي ، واما الامتثال الاحتمالي فهو حاصل لا محالة ، نظير دوران الأمر بين المحذورين ، وان لم يكن المقام منه حقيقة ، وذلك لعدم العلم بالإلزام فيه إجمالا ، لاحتمال كون المحلوف على ترك وطئها هي الكبيرة ، والمحلوف على وطئها هي الصغيرة واقعا ، فالمقام وان كان خارجا عن دوران الأمر بين المحذورين موضوعا إلّا انه يشترك معه في الحكم ، لوحدة الملاك فيهما. واما حكم الكبيرة والصغيرة فالظاهر بقاء كل من العلمين على تنجزه بالقياس إليهما ، وذلك لأن العلمين حيث انهما حدثا عرضا فسقطت الأصول الجارية في جميع أطرافها بسبب التعارض ، فلم يبق بعد ذلك أصل مؤمن في شيء من الأطراف ، غاية الأمر ان الزوجة المتوسطة بما انها كانت طرفا لعلمين إجماليين متنافيين لم يمكن فيها مراعاة الاحتياط ، وذلك لا يقتضي جريان الأصل في الصغيرة والكبيرة وكون الشبهة بالقياس إليهما بدوية.
فتوهم انحلالها بعدم التمكن من الاحتياط في جميع الأطراف لا وجه له. ولا يقاس هذا بصورة الاضطرار إلى بعض أطراف العلم الإجمالي ، حيث ذهب فيها بعضهم إلى سقوط العلم عن التنجيز حتى بالقياس إلى الطرف غير المضطر إليه ، إذ