اضطر أو أكره على إيجاد المتعلق ففيه تفصيل ، بيان ذلك : ان متعلق التكليف ان كان هو الكلي الساري المعبر عنه بما أخذ فيه مطلق الوجود ، كما في المحرمات المنحلة إلى أحكام عديدة ، فطرو أحد هذه العناوين على فرد من افراد الطبيعة يسقط التكليف المتعلق بذلك الفرد ، والوجه في ذلك ظاهر. واما إذا كان المتعلق هو الكلي الطبيعي على نحو صرف الوجود كما في التكاليف الإيجابية فطرو أحد هذه العناوين على فرد من ذلك الكلي لا أثر له في ارتفاع الحكم عن متعلقه أصلا ، وذلك لأن ما طرأ عليه العنوان وهو الفرد لا حكم له على الفرض ، وما هو متعلق الحكم وهو الطبيعي لم يطرأ عليه العنوان ، فإذا اضطر المكلف إلى ترك الصلاة في جزء من الوقت لم يسقط الوجوب عن طبيعي الصلاة المأمور بها في مجموع الوقت بالضرورة ، وهذا نظير ما إذا وجب إكرام عالم ما ، فاضطر المكلف إلى ترك إكرام زيد بخصوصه ، فانه لا يوجب سقوط الوجوب عن الطبيعي المأمور به. نعم لو اضطر إلى ترك الطبيعة في تمام الوقت أو في خصوص آخره فيما إذا لم يأت به قبل ذلك كان التكليف ساقطا لا محالة. هذا كله في التكاليف الاستقلالية.
وبما بيناه ظهر الحال في التكاليف الضمنية ، فلو اضطر المكلف إلى ترك جزء أو شرط من المركب ، أو إيجاد مانع في فرد لا يرتفع به التكليف المتعلق بذلك الجزء أو الشرط أو المانع ، لما تقدم من ان متعلق التكليف لم يتعلق به الاضطرار وان ارتفع به حرمة إبطال العمل من تلك الناحية ، فالإتيان بالناقص حينئذ لا يكون مجزيا مع التمكن من إيجاد فرد تام من بقية الافراد. نعم لو كان الاضطرار مثلا مستوعبا لتمام الوقت سقط التكليف المتعلق بالمركب المشتمل على المضطر إليه. وهل يجب الإتيان بغير ما اضطر إليه مما اعتبر في الواجب؟ ربما يقال به ، نظرا إلى ان المرفوع بحديث الرفع انما هو خصوص الأمر أو النهي الضمني المتعلق بالمضطر إليه ، فيبقى الأمر بغيره على حاله.