وان شئت قلت : ان المرفوع انما هو خصوص جزئية المضطر إليه أو شرطيته أو مانعيته ، واما غيره فلا موجب لرفع اليد عن وجوبه.
ولكن الصحيح : ان الأمر والنهي الضمنيين لا يرتفعان إلّا بارتفاع أصل التكليف ، لأنهما تابعان له حدوثا وبقاء ، كما ان الحكم الوضعي المنتزع عن الحكم التكليفي المتعلق بالمجموع كالجزئية أو الشرطية أو المانعية لا ترتفع إلّا بارتفاع أصل التكليف الّذي هو المنشأ لانتزاعها ، فإذا ارتفع ذلك التكليف كان إثبات التكليف ببقية الاجزاء محتاجا إلى دليل آخر ، مثلا لو اضطر إلى التكلم في الصلاة ، أو أكره على الصلاة إلى غير القبلة في تمام الوقت ، فالصلاة إلى القبلة أو الخالية عن كلام الآدمي لا تكون واجبة عليه بحديث الرفع ، واما الصلاة إلى غير القبلة أو المشتملة على كلام الآدمي فوجوبها يحتاج إلى دليل آخر ، ولا يكفي في ثبوته حديث الرفع ، لما عرفت من انه لا يترتب عليه إلّا رفع الحكم الثابت للمجموع ، واما ثبوت الحكم لغيره الفاقد لبعض القيود فحديث الرفع أجنبي عنه بالكلية. ويمكن دعوى ثبوت الدليل في خصوص الصلاة لقوله عليهالسلام «لا تدع الصلاة على حال» (١) واما غيرها من العبادات كالصوم أو الحج ، فالحكم بوجوب الفاقد لقيد لأجل الاضطرار أو الإكراه لا بد فيه من التماس دليل خاص يدل عليه.
فان قلت : ان من آثار الإخلال ببعض ما اعتبر في الواجب وجوب قضائه بعد الوقت ، فإذا تحقق الإخلال اضطرارا كان مرفوعا بحديث الرفع ، فلا محالة يكون العمل معه صحيحا ، إذ لا نعنى بالصحّة إلّا إسقاط القضاء ، فالاضطرار إلى ترك جزء أو شرط إذا كان مستوعبا للوقت كما انه يوجب سقوط الوجوب عن المشتمل على ذلك الجزء أو الشرط بحديث الرفع ، كذلك يوجب سقوط القضاء عند الإتيان
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٢ ـ باب ١ من أبواب الاستحاضة ، ح ١.