الإجمالي حينئذ منجزا نظير ما إذا كان بعض الأطراف مضطرا إليه ، أو خارجا عن محل الابتلاء ، فان الأصل لا يجري فيه ، لما عرفت من أنه يعتبر في جريان الأصل ترتب الأثر العملي عليه ، ولا يترتب أثر على إجرائه في المضطر إليه أو الخارج عن محل الابتلاء. وكذلك لو كان الأصل الجاري في بعض الأطراف مثبتا للتكليف ، نظير ما إذا علمنا بوقوع نجاسة في أحد الإناءين ، وكان أحدهما المعين متيقن النجاسة ، إما وجدانا ، وإما تعبدا لقيام أمارة أو أصل محرز على ذلك ، فيجري الأصل النافي في الطرف الآخر بلا معارض ، ومثله ما لو كان خصوص بعض الأطراف موردا لقاعدة الاشتغال ، أو طرفا لعلم إجمالي سابق وقد تنجز فيه احتمال التكليف بذلك العلم لسقوط الأصل فيه بمعارضته بالأصل الجاري في طرفه ، ففي جميع هذه الموارد يجري الأصل في الطرف الآخر من غير معارض.
ثم ان الّذي ذكرناه لا إشكال فيه فيما إذا كان حدوث العلم الإجمالي متأخرا عن هذه الأمور والعلم بها ، أو كان مقارنا له. وانما الكلام فيما إذا علم بطرو أحد الأمور المتقدمة بعد تحقق العلم الإجمالي ، فهل يوجب ذلك سقوطه عن التأثير ليجري الأصل النافي في بعض الأطراف؟ وبعبارة أخرى إذا كان العلم الإجمالي حين حدوثه مقارنا لأحد الأمور المتقدمة ، لا بد من عدم تأثيره من أول الأمر. واما إذا فرض تأثيره في زمان ، وحكم بتساقط الأصول في أطرافه ، ثم طرأ شيء من الأمور المتقدمة ، فهل يوجب ذلك سقوطه عن التأثير بقاء ، المعبر عنه بانحلال العلم الإجمالي؟ وجهان ، بل قولان. الأظهر هو الانحلال ، بيان ذلك : ان العلم الإجمالي لا يزيد على العلم التفصيليّ ولا على سائر الحجج والأمارات في تنجز الحكم المنكشف به ، فكما أنه لو تبدل العلم بالشك الساري ، أو زالت البينة بقاء لشبهة موضوعية كما لو شك في عدالة البينة القائمة على نجاسة شيء ، أو لشبهة حكمية كما إذا شك في حجية البينة في المورد الّذي أقيمت عليه سقط الحكم عن التنجيز ، لعدم منجز له بقاء. نعم