لو كان الشك في التكليف بعد العلم به تفصيلا ، أو بعد قيام الحجة عليه ناشئا من ناحية الامتثال ، كما إذا علم المكلف بوجوب صلاة الظهر عليه ، ثم شك فيه لاحتمال امتثاله والخروج عن عهدته يكون التكليف باقيا على حاله. وكذلك الحال في العلم الإجمالي ، فلو علم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين ثم علم تفصيلا أن أحدهما المعين كان نجسا من أول الأمر ، فالشك في نجاسة الإناء الآخر ليس شكا في انطباق المعلوم بالإجمال عليه ، بل هو شك حادث متعلق بحدوث نجاسة أخرى فيه غير ما هو المعلوم تفصيلا ، ولا مانع من شمول أدلة الأصول لذلك ، إذ المفروض ان الأصول المعارضة انما كان موضوعها الشك في انطباق المعلوم بالإجمال على محتملاته ، وقد زال ذلك بزوال العلم الإجمالي ، وحدث شك آخر غير مقرون بالعلم الإجمالي ، فالأصول المتساقطة قد ارتفع موضوعها ، والموضوع الحادث لم يكن الأصل فيه ساقطا.
ومن ذلك يظهر الفرق بين المقام وبين ما إذا كان زوال العلم الإجمالي من جهة الإتيان ببعض الأطراف وحصول الموافقة الاحتمالية ، كما إذا علم بوجوب إحدى الصلاتين القصر والإتمام فأتى بإحداهما ، فان العلم بالتكليف وان كان زائلا فيه أيضا إلّا انه بلحاظ البقاء دون الحدوث ، وإلّا فالعلم بحدوث تكليف مردد بين تعلقه بالقصر أو التمام موجود فعلا ، فالشك في وجوب القصر مثلا بعد الإتمام ليس شكا في حدوث تكليف غير المعلوم بالإجمال ، بل هو شك في انطباق المعلوم بالإجمال عليه. ونظير هذا ما إذا علم بنجاسة أحد الإناءين ثم وقعت نجاسة في أحدهما المعين ، فان العلم الإجمالي وان زال بقاء إلّا أن الشك في نجاسة الإناء الآخر شك في انطباق المعلوم بالإجمال عليه ، لا شك حادث في حدوث أمر جديد ، وهذا بخلاف المقام ، فان الشك في نجاسة الإناء الآخر غير المعلوم نجاسته تفصيلا شك في حدوث نجاسة أخرى.