فانها ان كانت واقعة في الماء فهي مقتضية لجواز التيمم لا لعدم جوازه ، وان كانت واقعة في التراب فعدم جواز التيمم مستند إلى وجود الماء الطاهر لا إلى نجاسة التراب ، وعليه فلا معارض لجريان أصالة الطهارة في الماء ، وبذلك يرتفع موضوع جواز التيمم ، وهو عدم التمكن من الماء.
وما أفاده قدسسره انما يتم فيما إذا لم يكن لنجاسة التراب أثر آخر في عرض الأثر المترتب على نجاسة الماء ، واما فيما إذا كان ذلك كعدم جواز السجود عليه ، فالأصل الجاري في الماء لجواز الوضوء به يعارض الأصل الجاري في التراب لجواز السجود عليه ، فيتساقطان ، وحينئذ يمكن القول بوجوب التيمم عليه ، نظرا إلى ان المكلف فاقد للماء ، وليس في البين إلّا احتمال عدم جواز التيمم بالتراب ، لاحتمال نجاسته ، وبما انه احتمال غير مقرون بالعلم الإجمالي يجري فيه أصالة الطهارة من غير معارض ، وقد مر غير مرة انه لا مانع من التفكيك في جريان الأصل من جهة دون جهة.
إلّا ان التحقيق في المقام : انه لو لم يكن أثر شرعي للتراب سوى جواز التيمم به ، كما إذا فرضنا ان المكلف غير مكلف بالسجدة لكون وظيفته الإيماء ، أو كان التراب مما لا يمكن السجود عليه عقلا لكونه في مكان مرتفع ، أو شرعا كما إذا كان مملوكا لغيره ولم يأذن في السجود عليه ، فالعلم الإجمالي بنجاسته أو نجاسة الماء لا يترتب عليه سقوط أصالة الطهارة في الماء كما عرفت. واما فيما كان له أثر آخر كجواز السجود عليه ، فالظاهر وجوب الجمع حينئذ بين الوضوء والتيمم ، ولا وجه لما ذكر من إدراج ذلك في فاقد الماء ، والحكم عليه بوجوب التيمم ، لأن فقدان الماء الّذي هو الموضوع لجواز التيمم انما يتحقق في موارد :
الأول : فيما إذا لم يتمكن المكلف من استعمال الماء وجدانا لعدم وجوده أو لعدم القدرة على استعماله.