اما المسألة الأولى : فلا ينبغي الشك فيها في عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي ، فان وجوب الاجتناب عن ملاقي النجس قد أخذ في موضوعه أمران : أحدهما الملاقاة ، والثاني وقوعها على النجس ، وعليه فالعلم بنجاسة أحد الشيئين ليس إلّا علما بما هو جزء الموضوع لهذا الحكم ، واما الجزء الآخر فلم يكن متحققا في زمان العلم ، فلا يكون العلم منجزا له ، فيرجع عند الشك فيه إلى أصالة الطهارة.
هذا وربما قيل بوجوب الاجتناب عن الملاقي أيضا لوجهين :
الأول : ان نجاسة الملاقي متحدة مع نجاسة الملاقى ، غاية الأمر انها توسعت بالملاقاة ، وثبتت لأمرين بعد ما كانت ثابتة لأمر واحد ، فهو نظير ما لو قسم ما في أحد الإناءين إلى قسمين ، فكما انه يجب الاجتناب عن كليهما حينئذ وعن الطرف الآخر تحصيلا للموافقة القطعية ، كذلك يجب الاجتناب عن الملاقي والملاقى والطرف الآخر تحصيلا للقطع بالاجتناب عن النجاسة المعلومة بالإجمال.
ويرد عليه : انه انما يتم بناء على القول بسراية النجاسة من الملاقى ـ بالفتح ـ إلى الملاقي ـ بالكسر ـ سراية حقيقية ، وهو باطل كما بين في محله. واما على القول بان نجاسة الملاقي حكم مستقل مترتب على الملاقاة مغاير للحكم الثابت لما لاقاه ، فالظاهر ان الاجتناب عن النجس المعلوم في البين لا يتوقف على الاجتناب عن الملاقي ، غاية الأمر انه يحتمل حدوث نجاسة جديدة فيه ، والأصل عدمه. ومما يشهد على كون نجاسة الملاقي مغايرة لنجاسة ما لاقاه ان نجاسة الملاقي للنجس كطهارة المتنجس الملاقي للكر الطاهر ، فكما ان طهارته مغيرة لطهارة الماء وان كانت ناشئة من ملاقاته ، كذلك نجاسة الملاقى مغايرة لنجاسة ما لاقاه وان كانت ناشئة في ملاقاته.
هذا وربما يستدل على كون تنجس الملاقى بالسراية كما عن شيخنا