الأنصاري (١) برواية الكافي عن أبي جعفر عليهالسلام «أتاه رجل فقال وقعت فأرة في خابية فيها سمن أو زيت فما ترى في أكله؟ فقال أبو جعفر عليهالسلام : لا تأكله. فقال الرّجل : الفأرة أهون عليّ من أن اترك طعامي من أجلها ، قال : فقال له أبو جعفر عليهالسلام : انك لم تستخف بالفأرة ، وانما استخففت بدينك ، ان الله حرم الميتة من كل شيء» (٢) تقريب الاستدلال ان السائل لم يرد بقوله الفأرة أهون إلخ أكل الفأرة في ضمن الزيت أو السمن ، بل أراد أكل السمن أو الزيت الملاقي لها ، فقول الإمام عليهالسلام في مقام التعريض له «ان الله حرم الميتة من كل شيء» يدل على انّ أكل الملاقي للميتة ينافي الاجتناب عن نفس الميتة ، فنجاسته وحرمته عين نجاستها وحرمتها.
والجواب عن ذلك : انه لا يستفاد من الرواية إلّا ان حرمة الشيء الناشئة من نجاسته ملازمة مع حرمة ملاقيه ونجاسته من دون فرق بين كثرة الملاقي وقلته ، وكبر ذلك الشيء وصغره ، فكأن السائل استبعد أن تكون الفأرة على صغرها موجبة لنجاسة ما في الخابية من السمن أو الزيت ، فأجابه الإمام عليهالسلام بعدم اختصاص حرمة الميتة بشيء دون شيء ، وليس في ذلك دلالة على ان نجاسة الملاقي وحرمته عين نجاسة الميتة وحرمتها كما هو ظاهر.
الوجه الثاني : ان العلم الإجمالي بالنجس الموجود بين الطرفين وان لم يكن مقتضيا لوجوب الاجتناب عن الملاقي كما مر ، إلّا انه يحدث بعد العلم بالملاقاة علم إجمالي آخر بوجود نجس في الملاقي أو الطرف الآخر ، وهذا العلم مما لا مجال لإنكاره بعد فرض الملازمة بين نجاسة الشيء ونجاسة ملاقيه واقعا ، ومن ثم لو فرض انعدام الملاقى ـ بالفتح ـ كان العلم بالنجاسة المرددة بين الملاقي والطرف الآخر موجودا لا محالة.
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢ ـ ٤٢٣ (ط. جامعة المدرسين).
(٢) وسائل الشيعة : ١ ـ باب ٥ من أبواب الماء المضاف ، ح ٢.