سابقا ، وهذا العلم الإجمالي يمنع عن الرجوع إلى كلا الأصلين ، لاستلزامه المخالفة القطعية ، ولا إلى أحدهما بالخصوص لأنه بلا مرجح. واما فيما إذا علم نجاسة أحد الماءين أو أحد الثوبين فبما انه لا يختص بعض الأطراف بأصل طولي كانت أصالة الطهارة في الملاقي بلا معارض على ما أفاده الشيخ رحمهالله ،
واما المسألة الثانية : فهي فيما إذا حصلت الملاقاة والعلم بها ثم حصل العلم الإجمالي بنجاسة الملاقى أو شيء آخر. وقد وقع الكلام فيها في وجوب الاجتناب عن الملاقي وعدمه ، فذهب صاحب الكفاية رحمهالله إلى الأول (١) ، نظرا إلى ان العلم الإجمالي كما تعلق بالنجاسة المرددة بين الملاقي وطرفه ، كذلك تعلق بالنجاسة المرددة بين الملاقي وذاك الطرف ، ففي الحقيقة الأمر دائر بين نجاسة الملاقى والملاقى ونجاسة الطرف الآخر ، فهو نظير ما لو علم بوقوع نجاسة في الإناء الكبير أو في الإناءين الصغيرين ، فكما يجب فيه الاجتناب عن جميع الأواني ، كذلك يجب الاجتناب عن مجموع الملاقي والملاقى والطرف الآخر. ولا فرق بين المثال وما نحن فيه إلّا في ان نجاسة الملاقي في المقام مسببة عن نجاسة ما لاقاه ، بخلاف المثال ، ومجرد ذلك لا يكون موجبا لتغير حكمهما بعد كون نسبة العلم الإجمالي إلى كليهما على حد سواء.
وذهب المحقق النائيني رحمهالله تبعا لشيخنا الأنصاري رحمهالله إلى الثاني (٢) بتقريب : ان الأصل الجاري في الملاقي مقدم رتبة على الأصل الجاري في ملاقيه ، إذ الشك في نجاسته ناشئة من الشك في نجاسة ما لاقاه ، وعليه فالمعارضة انما تقع في الأصول الجارية في المرتبة السابقة ، فيبقى الأصل الجاري في الملاقي بلا معارض.
والتحقيق في المقام : هو التفصيل ، فان زمان المعلوم بالإجمال قد يكون سابقا على زمان الملاقاة ، وقد يكون متحدا معه.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٢٢٧.
(٢) أجود التقريرات : ٢ ـ ٢٦٠. فرائد الأصول : ٢ ـ ٤٢٤ (ط. جامعة المدرسين).