اما على الأول : فلا مانع من الرجوع إلى الأصل في الملاقي ، فلو لاقى أحد الإناءين للثوب يوم الجمعة ، ثم علم يوم السبت بنجاسة أحد الإناءين يوم الخميس ، فالعلم الحادث يوم السبت بما انه متعلق بحدوث النجاسة يوم الخميس المرددة بين الإناءين فالشك في طهارة كل من الإناءين ونجاسته شك في انطباق المعلوم بالإجمال عليه ، فلا يجري فيه الأصل لما مر. واما الشك في نجاسة الثوب وطهارته فهو شك في حدوث نجاسة أخرى بعد حدوث النجاسة المرددة بين الإناءين بزمان ، ولا مانع من شمول دليل الأصل له بعد فرض تنجز النجاسة السابقة بالعلم المتأخر ، واحتمال انطباقها على الطرف الآخر الموجب لعدم جريان الأصل فيه ، فيجري أصالة الطهارة في الثوب بلا معارض.
وبذلك يظهر الفرق بين المقام والمثال المتقدم ، فان كلا من الإناءين الصغيرين كان عدلا للعلم الإجمالي ، بخلاف المقام ، إذ المفروض ان النجاسة الحادثة يوم الخميس مرددة بين خصوص الملاقى ـ بالفتح ـ والطرف الآخر ، واما نجاسة الثوب الملاقى فهي على تقدير ثبوتها واقعا نجاسة جديدة غير المعلوم بالإجمال ، وبما انها مشكوكة يجري فيها الأصل ، كما لو شك في نجاسته من جهة أخرى غير الملاقاة. نعم لو فرض للطرف الآخر أصل طولي جار فيه قبل العلم بالملاقاة لزم الاجتناب عن الملاقى أيضا ، وقد ظهر وجهه مما تقدم في الشق الأول.
واما على الثاني : وهو ما كان زمان الملاقاة متحدا مع زمان المعلوم بالإجمال ، كما إذا فرضنا ثوبا في إناء فيه ماء ، وعلمنا إجمالا بوقوع نجاسة في ذلك الماء أو في إناء آخر ، فالحق وجوب الاجتناب عن الملاقى وما لاقاه والطرف الآخر ، وذلك لأن العلم الإجمالي كما تعلق بنجاسة أحد الإناءين كذلك تعلق بنجاسة الثوب أو الإناء الآخر ، والأصل الجاري في الملاقى وان كان في مرتبة سابقة على الأصل الجاري في ملاقيه إلّا انه لا يقتضي اختصاص المعارضة به لوجهين.