لانحلاله؟! وهل يكون القول به إلّا قولا بانحلال العلم الإجمالي بنفسه؟!
وببيان آخر : ان انحلال العلم الإجمالي انما يكون بتبدل القضية المنفصلة المانعة الخلو إلى قضية متيقنة وقضية مشكوكة ، وهو مفقود في المقام ، إذ لا علم بوجوب الأقل لا بشرط على الفرض ، فانه أحد طرفي الاحتمال ، واما العلم بوجوب الأقل على نحو الإهمال الجامع بين الإطلاق والتقييد فهو مقوم للعلم الإجمالي ، لا انه موجب لانحلاله ، ولو كان العلم بالمهمل الجامع موجبا للانحلال لكان موجبا له في المتباينين أيضا. ثم انه قدسسره أيد ما ذكره بما تقدم من الوجه الثاني لعدم الانحلال من ان الشك في المقام شك في السقوط دون الثبوت ، فيكون مجرى للاشتغال دون البراءة.
ويرد على ما أفاده : ان العلم بالجامع المهمل انما لا يكون موجبا للانحلال فيما إذا كان الأصل الجاري في كل من الخصوصيّتين المشكوكتين معارضا بالأصل الجاري في الأخرى ، كما هو الحال في دوران الأمر بين المتباينين. واما إذا لم يكن بين الأصلين معارضة ، بان اختص أحدهما بجريان الأصل فيها دون الآخر فلا محالة ينحل العلم الإجمالي ، ويكون أحد الطرفين مأمونا من العقاب بمقتضى جريان الأصل.
وتوضيح ذلك : ان الأقل الجامع بين الإطلاق والتقييد قد علم وجوبه ، وترتب العقاب على تركه ، ولكن لا يعلم انه واجب على الإطلاق ، أو مع أخذ الزائد المشكوك فيه أيضا ، فخصوصية الإطلاق وان كانت مشكوكة كخصوصية التقييد إلّا ان أصالة البراءة عن التقييد لا يعارضها أصالة البراءة في الإطلاق ، إذ الإطلاق ليس فيه كلفة زائدة لترتفع بالأصل ، فإذا لا مانع من جريان أصل البراءة عن التقييد ، وبذلك ينحل العلم ، فيحكم بعدم استحقاق العقاب على ترك المشكوك ، وقد فرض العلم باستحقاق العقاب على ترك الأقل. وبهذا يظهر بطلان قياس المقام