غير مقرونة بالعذر ، فيستحق العقاب عليها.
ولكن يمكن أن يقال : بجريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان في المقام وان لم يكن المكلف ملتفتا إليها في مقام العمل ، فانك قد عرفت فيما مرّ ان المراد بالبيان هو جعل التكليف على نحو يتمكن المكلف من الوصول إليه بوجه ، ومع عدم إمكان الوصول إليه كما هو المفروض فالبيان من قبل الشارع غير تام وان لم يحرزه المكلف ، ومعه يستقل العقل بقبح العقاب ، لأنه بلا مقتضى ، فغاية الأمر تجرّى المكلف باقتحامه الشبهة قبل الفحص ، فلو كان عقاب هو على التجري لا علي مخالفة الواقع.
اللهم إلّا أن يقال : أن أدلة وجوب الاحتياط والتوقف بناء على استفادة الوجوب الطريقي منها واردة على القاعدة المزبورة ، وموجبة لتنجز الواقع قبل الفحص. نعم إذا تفحص المكلف ولم يصل إلى الواقع جاز له الاقتحام وترك الاحتياط على ما تقدم.
الأمر الخامس : العمل الصادر من الجاهل المقصر قبل الفحص محكوم بالبطلان ظاهرا ، بمعنى أن العقل يستقل بعدم جواز الاكتفاء به في مقام الامتثال ، لعدم إحراز مطابقته للواقع ، ولا فرق في ذلك بين المعاملات والعبادات إذا تأتى منه قصد القربة ، وأما مع عدمه فلا ينبغي الشك في البطلان واقعا ، هذا فيما إذا لم يتبين الحال. وأما إذا تبين ذلك فالصور أربع.
الأولى : ان تنكشف مخالفة المأتي به للواقع بفتوى من كان يجب الرجوع إليه حين العمل ومن يجب الرجوع إليه فعلا. ولا إشكال في بطلان العمل حينئذ.
الثانية : أن تنكشف موافقة العمل للواقع على فتوى كلا المجتهدين. ولا إشكال في صحة العمل حينئذ ، بلا حاجة إلى الإعادة أو القضاء.
الثالثة : أن تنكشف موافقته لرأي المجتهد الأول ، ومخالفته لرأي المجتهد الثاني. والظاهر فيها الحكم بالبطلان ، فان العامل ان كان في عمله مستندا إلى رأي