من كان يجب عليه تقليده كان عمله محكوما بالصحّة بحديث لا تعاد ، أو غيره مما دل على عدم وجوب الإعادة أو القضاء. وأما فيما إذا لم يستند إليه فلا موجب للحكم بصحته ، مع فتوى المجتهد الفعلي ببطلان ذلك العمل.
الرابعة : أن تنكشف موافقته لرأي المجتهد الفعلي ، ومخالفته لفتوى المجتهد الأول. والظاهر فيها هو الحكم بالصحّة من دون حاجة إلى الإعادة أو القضاء ، والوجه في ذلك أن المجتهد الفعلي بعد حكمه بصحة العمل المزبور جاز لمقلده أن يستند إلى رأيه في تركه الإعادة والقضاء.
نعم إذا كان العمل مخالفا للواقع في نفس الأمر صح العقاب على مخالفته فيما إذا كان الاستناد إلى رأي المجتهد الفعلي في خصوص ترك القضاء فقط ، والسر فيه أن ترك الواجب الواقعي في الوقت يوجب عقابا غير العقاب المترتب على ترك قضائه في خارج الوقت ، ومن ثم لا يكون القضاء رافعا لعقاب العصيان في الوقت بالضرورة ، وعليه فترك القضاء استنادا إلى فتوى من لا يوجبه وان كان موجبا لعدم العقاب عليه ، إلّا أنه لا يوجب عدم العقاب على ترك الأداء مع فرض عدم استناده فيه إلى الحجة. ومما ذكرناه يظهر حكم المجتهد التارك للفحص أيضا.
ثم أنه قد استثنى مما ذكرناه مسألة الجهر والإخفات ، والقصر والإتمام. فقد ذهب المشهور إلى صحة الصلاة عند الجهر في موضع الإخفات وبالعكس ، وعند الإتمام في موضع القصر إذا كان ناشئا عن الجهل ولو تقصيرا ، وكذلك الصوم في السفر إذا كان منشؤه الجهل بالحكم ولو تقصيرا ، ومع ذلك التزموا باستحقاق العقاب على ترك الواقع الناشئ عن ترك الفحص وعدم التعلم. ومن ثم وقع الإشكال في الجمع بين الأمرين ، فانه كيف يعقل الحكم بصحة المأتي به وعدم وجوب الإعادة مع بقاء الوقت ، والحكم باستحقاق العقاب على ترك الواجب.
وقد أجيب عن ذلك بوجهين :