الأول : ما ذكره في الكفاية (١) ، ولعله المراد مما أفاده شيخنا الأنصاري قدسسره في المقام (٢) وحاصله : انه يمكن أن يكون المأتي به حال الجهل مشتملا على مصلحة ملزمة في نفسه ، وان يكون الواجب الواقعي مشتملا على تلك المصلحة ، وزيادة لا يمكن تداركها عند استيفاء أصل المصلحة ، فالحكم بالصحّة إنما هو لاشتمال المأتي به على المصلحة وعدم إمكان استيفاء الباقي ، والحكم باستحقاق العقاب انما هو لأجل ان فوت المصلحة الزائدة مستند إلى التقصير في ترك التعلم ، مثلا يمكن أن يكون طبيعي الصلاة عند الجهل بوجوب القصر واجدة لمقدار من الملاك الملزم ، وكان خصوص الصلاة المقصورة مشتملة على زيادة لا يمكن استيفاؤها عند استيفاء أصل المصلحة ، فإذا صلى المكلف تماما مع جهله بالحكم ، وحصل منه قصد القربة حكم بصحة صلاته ، وبعدم وجوب الإعادة ، واستحقاق العقاب على تفويت الملاك الملزم من غير عذر.
ويرد عليه : أولا : ان التضاد بين الأفعال وان كان أمرا معقولا وواقعا في الخارج بالضرورة إلّا أن التضاد في الملاكات مع إمكان الجمع بين الفعلين في الخارج بعيد ، بل يكاد أن يلحق بأنياب الأغوال.
وثانيا : أن المصلحتين المفروضتين ، القائمة إحداهما بالطبيعي ، وثانيتهما بخصوص القصر مثلا ، ان كانتا ارتباطيتين فلا وجه للحكم بصحة المأتي به مع فرض عدم حصول المصلحة الثانية. وان كانتا استقلاليتين فلازمه تعدد الواجب ، وكون القصر مثلا واجبا في واجب ، ولازمه تعدد العقاب عند ترك أصل الصلاة ، وهو مناف للضرورة ولظواهر الاخبار.
الوجه الثاني : ما أفاده الشيخ الكبير كاشف الغطاء قدسسره من الالتزام بالترتب في
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٢٦٠ ـ ٢٦١.
(٢) فرائد الأصول : ٢ ـ ٥٢٣ (ط. جامعة المدرسين).