القصر والتمام أو الجهر والإخفات وكون الإتيان بالقصر أو الإخفات مجزيا كما هو المفروض وكون الإتمام أو الجهر أيضا مجزيا كما دل على ذلك النص الوارد في كل من الفرعين مع التصريح بأنه قد تمت صلاته وعليه فلا موجب للعقاب عند الإتيان بأحد طرفي التخيير وان لم يكن المكلف ملتفتا إلى التخيير حال العمل.
واما على الثاني : فلا مناص من الالتزام بكون الصلاة تماما أو جهرا هو الواجب على التعيين في ظرف الجهل ومعه كيف يمكن الالتزام باستحقاق العقاب على ترك القصر أو الإخفات ، ودعوى الإجماع عليه مجازفة محضة مع عدم التعرض له في كلمات كثير من الأصحاب مضافا إلى ان الاستحقاق ليس من الأحكام الشرعية ليصح الاستدلال عليه بالإجماع هذا والصحيح هو الوجه الأول وأن المكلف حال الجهل بوجوب القصر أو الإخفات مثلا مخير بين القصر والتمام وبين الجهر والإخفات واقعا فيحكم بصحة الإتمام مثلا لورود النص به ويحكم بصحة القصر إذا تأتى قصد القربة بمقتضى إطلاقات الأدلة الدالة على وجوب القصر في السفر غاية الأمر أنه يرفع اليد عن ظهورها في الوجوب التعييني بما دل على صحة الإتمام فيبقى أصل الوجوب بلا معارض مضافا إلى استبعاد الحكم ببطلان ما وقع والأمر بإعادة مثله بلا زيادة ونقيصة.
الأمر الخامس : أن اشتراط الرجوع إلى الأصول العملية بالفحص انما يختص بالشبهات الحكمية ، لاختصاص دليله بها. وأما الشبهات الموضوعية فلا بأس بالرجوع إلى الأصل فيها قبل الفحص ، لإطلاق أدلتها ، وخصوص بعض الروايات الواردة في موارد خاصة ، مع أن الحكم مما تسالم عليه الفقهاء بلا خلاف. نعم ذكر بعضهم وجوب الفحص في بعض الشبهات الموضوعية ، منها : ما إذا شك المكلف في استطاعته إلى الحج. ومنها : ما إذا شك في بلوغ المال إلى حد نصاب الزكاة. ومنها : ما إذا شك في زيادة الربح على مئونة السنة. والجامع بين هذه الموارد ما إذا كان العلم