بالحكم متوقفا على الفحص عادة.
وقد استدل على وجوب الفحص في هذه الموارد بأن جعل الشارع حكما يتوقف العلم به على الفحص عادة يدل بالملازمة العرفية على إيجاب الفحص أيضا ، وإلّا لم يكن فائدة لتشريعها.
ويرد على ذلك ان الكبرى المزبورة على تقدير تسليمها لا تستلزم وجوب الفحص في الأمثلة المتقدمة ، لأنها غير منطبقة عليها ، فان بلوغ المال إلى حد النصاب ، أو كفايته لفريضة الحج ، أو زيادة على مئونة السنة ، كبقية الموضوعات الخارجية ، قد يكون ظاهر التحقيق في الخارج ، كمن ورث من مورثه مالا كثيرا يعلم بكفايته للحج ، أو ربح ما يعلم زيادته على مئونة السنة ، أو ملك ما يعلم بلوغه النصاب ، وقد يكون معلوم العدم ، وقد يكون مشكوكا فيه ، فليس العلم بتحقق الموضوع في هذه الموارد متوقفا على الفحص غالبا. نعم بناء على ما هو المشهور من تعلق الخمس بالربح حين ظهوره ، وكون التأخير إلى السنة إرفاقا ، وجب عليه أداء الخمس عند الشك في الزيادة على المئونة وعدمها ، فما لم يفحص ، ولم يظهر عليه عدم الزيادة يحكم بعدم الصرف في المئونة بمقتضى الاستصحاب.
ثم ان المحقق النائيني قدسسره قد اعتبر في جريان البراءة في الشبهة الموضوعية أن لا تكون مقدمات العلم تامة بأجمعها. واما فيما إذا تمت ، بحيث لا يحتاج حصول العلم إلّا إلى مجرد النّظر ، فلا تجري البراءة ، بل لا بد من الاحتياط أو النّظر. مثال ذلك ما إذا كان المكلف بالصوم في محل لا يتوقف علمه بطلوع الفجر إلّا على مجرد النّظر إلى الأفق ، فلا يجوز له الرجوع إلى البراءة مع تركه النّظر ، بدعوى أن مجرد النّظر لا يعد من الفحص عرفا ليحكم بعدم وجوبه (١).
__________________
(١) فوائد الأصول : ٤ ـ ٣٠٢.