بالخصوصية المذكورة في الكلام كما في قوله عليهالسلام «لا ربا بين الوالد والولد» و «من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له» (١) فان المتحصل منهما ان الشارع لا يرى الرّبا بين الوالد والولد ، ولا الغيبة لمن ألقى جلباب الحياء مصداقا لطبيعي الرّبا أو الغيبة ، فالحكم الثابت لهما شرعا يرتفع عن الموردين لا محالة. وكذلك الحال فيما إذا لم يكن الحكم الثابت للطبيعة حكما تحريميا فيرتفع عما حكم الشارع بعدم انطباقها على مورد كائنا ما كان ، كما في قوله عليهالسلام «لا سهو في النافلة» (٢) وقوله عليهالسلام «لا يمين للمملوك مع مولاه» (٣) وهذا هو الّذي يعبر عنه بنفي الحكم بلسان نفي موضوعه ، ولأجله يتقدم الدليل فيه على الأدلة الواقعية بالحكومة ، فيخرج مورده عن موضوعها.
وبذلك يظهر ان هذا الاستعمال لا بد فيه من ثبوت حكم إلزاميّ ، أو غير تكليفي ، أو وضعي في الشريعة المقدسة لنفس الطبيعة ، ليكون الدليل الحاكم رافعا له برفع موضوع ، هذا كله فيما إذا كان النفي حقيقا. واما إذا كان ادعائيا ، فلا يترتب عليه إلّا نفي الآثار المرغوبة ، المعبر عنه بنفي الكمال ، لا نفي الحقيقة ليترتب عليه نفي الحكم الشرعي ، ومثال ذلك كثير في الشرعيات كما في قوله عليهالسلام «لا صلاة لجار المسجد إلّا في مسجده» (٤).
ومنها : ما تكون مستعملة اخبارا عن عدم ثبوت الموضوع في الشريعة المقدسة ، فيستفاد منها نفي الحكم الثابت له في الشرائع السابقة أو عند العقلاء ، كما في قوله عليهالسلام «لا رهبانية في الإسلام» (٥) فان الرهبانيّة كانت مشروعة في الأمم السابقة ، لكنها غير مشروعة في الشريعة المقدسة ، فنفيها في الإسلام كناية عن نفي
__________________
(١) مستدرك الوسائل : ٨ ـ ٤٦١.
(٢) مستدرك الوسائل : ٦ ـ باب ١٦ من أبواب الخلل في الصلاة ، ح ٢.
(٣) الكافي : ٥ ـ كتاب النكاح ، باب انه لا رضاع بعد فطام ، ح ٥.
(٤) وسائل الشيعة : ٣ ـ باب ٢ من أبواب أحكام المساجد ، ح ١.
(٥) مستدرك الوسائل : ١٤ ـ ١٥٥.