وتحقيق الحال فيه يتوقف على النّظر في الروايات التي استدل بها على الحرمة ، وهي على طوائف.
الأولى : أدلة نفي الضرر المتقدمة ، بناء على إرادة النهي من النفي. ويرد على الاستدلال بها.
أولا : ما عرفت من انها ناظرة إلى نفي الأحكام الضررية وأجنبية عن حرمة الإضرار.
وثانيا : انها على تقدير التنزل لا دلالة فيها إلّا على حرمة الإضرار بالغير ، كما هو ظاهر قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لسمرة «انك رجل مضار» واما حرمة الإضرار بالنفس فلا يستفاد منها أصلا. على أن الإضرار بالنفس لا يقع في الخارج غالبا إلّا بداعي عقلائي ، فتحريمه والحال هذه مناف للامتنان ، وقد عرفت ان حديث نفي الضرر لا يشمل ما كان مخالفا له. بل يمكن أن يقال ان الضرر المترتب عليه منفعة عقلائية لا يكون مصداقا للضرر عرفا ، فعدم حرمته لانتفاء موضوعها ، مع قطع النّظر عن ورود الأدلة في مقام الامتنان.
الثانية : ما رواه الكليني في الكافي بالإسناد إلى طلحة بن زيد عن الصادق عليهالسلام «الجار كالنفس غير مضار ولا آثم» (١).
ولا دلالة فيها على الحرمة الشرعية. بل المستفاد منها ان الجار بمنزلة النّفس ، فكما ان الإنسان بطبعه لا يقدم على ضرر نفسه ، ولا يظهر عيوبه ، فليكن هكذا حاله مع جاره.
الثالثة : ما رواه الكليني بالإسناد إلى محمد ابن عبد الله عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليهالسلام ، وبالإسناد إلى مفضل بن عمر عن الصادق عليهالسلام والحديث طويل ،
__________________
(١) الكافي : ٥ ـ كتاب الجهاد ، باب إعطاء الأمان ، ح ٥.