قال عليهالسلام فيه : «ان الله تعالى لم يحرم ذلك ـ الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير ـ على عباده وأحل لهم سواه رغبة منه فيما حرم عليهم ، ولا زهدا فيما أحل لهم ، ولكنه خلق الخلق وعلم عزوجل ما تقوم به أبدانهم وما يصلحهم فأحله لهم ، وأباحه تفضلا منه عليهم به تبارك وتعالى لمصلحتهم ، وعلم ما يضرهم فنهاهم عنه ، وحرمه عليهم. إلى أن قال : اما الميتة فانه لا يد منها أحد إلّا ضعف بدنه ، ونحف جسمه ، وذهبت قوته» الحديث (١). ولا دلالة فيه على حرمة الإضرار بالنفس بمطلق الأكل والشرب فضلا عن غيرهما ، بل غاية ما يستفاد منه أن الحكمة في تحريم جملة من الأشياء كونها مضرة بنوعها ، لا أن الإضرار بنفسه موضوع للتحريم. والّذي يدل على ذلك أمور.
منها : أن الحكمة المذكورة في الرواية لتحريم الميتة ترتب الضرر على إدمانها ، فلو كان هذا علة للتحريم لم يكن أكلها بغير إدمان محرما.
ومنها : ما ورد في عدة روايات من ترتب الضرر على أكل جملة من الأشياء ، كتناول الجبن في النهار ، وإدمان أكل السمك ، وأكل التفاح الحامض ، وشرب الماء بعد الطعام إلى غير ذلك ، مع أنه لا إشكال في جوازها شرعا.
ومنها : أنه لو كان الضرر علة لتحريم جملة من المأكولات والمشروبات كانت الحرمة دائرة مدار ترتب الضرر ، فإذا انتفى الضرر في مورد انتفت الحرمة ، ولازم ذلك ان لا يحرم استعمال قليل من الأمور المذكورة في الرواية ، فانها لا تزيد على السموم القاتلة في ان المضر منها كمية خاصة ، مع أن ذلك خلاف الضرورة من الدين. على انا نقطع بعدم كون الميتة بجميع اقسامها مضرة للبدن ، فلو كانت الحرمة دائرة مدار الضرر لزم الحكم بجواز ما لا يضر منها ، كما إذا ذبح الحيوان إلى غير
__________________
(١) الكافي : ٦ ـ كتاب الأطعمة ، باب علل التحريم ، ح ١.