الواجبة المشروطة بها أيضا.
نعم بناء على ما قيل من حرمة الإضرار بالنفس كانت الطهارة المائية في الفرض مبغوضة ، فتكون فاسدة لا محالة. ومن هنا فصل السيد رحمهالله في العروة بين الضرر والحرج ، فحكم بفساد الطهارة المائية مع العلم بالأول دون الثاني (١). واما على ما ذكرنا فالحكم في بابي الضرر والحرج سواء.
ثم ان المحقق النائيني (٢) أشكل على جواز الطهارة المائية عند الحكم بصحة الطهارة الترابية كما في الفرض بما حاصله : ان الحكم بصحة الوضوء مثلا عند الحكم بصحة التيمم يستلزم تخيير المكلف بينهما ، وهو يشبه الجمع بين النقيضين ، وذلك فان الأمر بالتيمم في الآية المباركة مشروط بعدم وجدان الماء ، كما ان الأمر بالوضوء بقرينة المقابلة مشروط بالوجدان ، فالحكم بصحة كل منهما في الفرض المزبور يستلزم كون المكلف واجدا للماء وفاقدا له ، وهو محال.
والجواب عنه أن ما علق على وجدان الماء وعدمه في الآية انما هو وجوب الوضوء ووجوب التيمم تعيينا ، وليس فيها دلالة على انحصار مشروعية التيمم بموارد فقدان الماء ، فمن الجائز أن يكون واجد الماء في مورد قد شرع له التيمم إرفاقا ، كما ثبت ذلك فيمن أوى إلى فراشه فذكر انه غير متوضئ ، والمقام من هذا القبيل ، فان الوضوء في موارد الحرج بل في موارد الضرر بناء على ما عرفت من عدم كون الإضرار بالنفس محرما مطلقا مما يقدر عليه المكلف تكوينا وتشريعا ، فهو واجد للماء بالوجدان ، غاية الأمر انه لم يلزم بالوضوء إرفاقا ، وذلك لا يستلزم الحكم ببطلانه إذا اختار لنفسه الضرر ، أو إلقائها في الحرج بعد كونه مستحبا في نفسه ،
__________________
(١) العروة الوثقى (مع حاشية السيد الخوئي) : ١ ـ ٣٣٧.
(٢) منية الطالب : ٢ ـ ٢١٦ ـ ٢١٧.