وأجيب عنه بوجوه :
الأول : ما في الكفاية (١) من ان الشك في بقاء الكلي بعد العلم بحدوثه ليس مسببا عن الشك في حدوث الفرد الطويل ، وإن كان حدوثه مشكوكا فيه ، بل هو ناش عن كيفية الفرد الموجود ، أي اتصافه بعنوان الفرد الطويل كاتصاف الرطوبة بكونها منية. وليس لعدم اتصافه به حالة سابقة ليستصحب ، لأن الفرد من حين حدوثه كان معنونا بأحد العنوانين ، فالأصل السببي غير جار.
وفيه : أنه انما يتم لو أنكرنا جريان الاستصحاب في العدم الأزلي. وأما على المختار من جريانه فلا ، فانه يقال : الفرد الموجود قبل وجوده لم يكن متصفا بذاك العنوان ، ويشك في اتصافه به بعد حدوثه ، والأصل عدمه ، فبضمه إلى الوجدان يثبت انتفاء الكلي.
وبهذا أنكرنا جريان استصحاب بقاء كلي النجاسة في موارد :
منها : ما إذا لاقى الثوب نجسا مرددا بين ما يكفي فيه الغسل مرة واحدة بمقتضى إطلاقات الغسل كعرق الجنب وما يحتاج إلى التعدد كالبول لقوله عليهالسلام «إن غسلته في المركن فمرتين» فإذا غسل الثوب مرة واحدة يشك في بقاء طبيعي النجاسة. وقد ذهب بعض إلى استصحاب بقائها ، ونحن أنكرنا ذلك ، لأن الأصل عدم اتصاف ما أصاب الثوب بعنوان البولية وبه يدرج تحت إطلاق الأمر بغسل المتنجس. واستصحاب عدم كونه معنونا بالعنوان الآخر لا يترتب عليه الأثر إلّا على القول بالأصل المثبت.
ومنها : ما إذا ولغ الكلب فيما يحتمل كونه إناء ، فانه إذا غسل بالماء ولم يعفر يشك في ارتفاع نجاسته ، فتستصحب. وعلى ما اخترناه لا مجال له ، لأن الشك في
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٣١٢.