أحدها ، واحتمل كونه درهم زيد ، فلا يجري في شيء من ذلك استصحاب بقاء المتيقن السابق ، لأنّه أمر جزئي حقيقي لا ترديد فيه ، وإنما الترديد في المحل.
وفيه : انه على هذا يستصحب بقاء الفرد بخصوصه. وعدم كونه اصطلاحا من استصحاب الكلي لا يضر بما هو المقصود ، ففي المثال يقال : وجود شخص زيد في الدار كان متيقنا ، فيستصحب ، سمى باستصحاب الكلي أم لم يسم ، وليس هذا من استصحاب الفرد المردد واقعا كما هو واضح. وأما عدم جريان استصحاب بقاء درهم زيد في المثال الثاني فهو من جهة المعارضة باستصحاب بقاء درهم غيره.
ثانيهما : ان استصحاب بقاء طبيعي النجاسة في العباء لا بد وأن يكون بنحو مفاد كان التامة ، ولا يترتب عليه أثر أصلا ، فان ما يحتمل ترتبه على بقاء كلي النجاسة في الثوب أمران ، أحدهما : عدم جواز الصلاة فيه ، ويكفي في ثبوته وتنجزه نفس العلم الإجمالي السابق ، ثانيهما : نجاسة الملاقي ، وهي لا تترتب عليه إلّا بنحو الأصل المثبت.
ومن هنا فرق شيخنا الأنصاري في استصحاب الكرية بينما إذا كان المتيقن وجود الكر في الحوض فاستصحب بقائه ، وما إذا كان المستصحب كرية الماء فيترتب على الثاني طهارة المتنجس المغسول به دون الأول ، لأنه لا يثبت كرية الماء الموجود في الحوض. والمقام من هذا القبيل ، فانه إذا جرى استصحاب نجاسة أحد الطرفين بخصوصه من الأعلى والأسفل بنحو مفاد كان الناقصة ، وحكم بنجاسته تعبدا ، والمفروض ان الملاقاة أمر وجداني ، فيكون الملاقي ملاقيا وجدانا لما هو نجس بالتعبد ، فيحكم بنجاسته ، إلّا أن استصحابها كذلك غير جار ، لأن نجاسة الطرف الأعلى متيقن الارتفاع والطرف الأسفل مشكوك الحدوث. وأما استصحاب طبيعي النجاسة في الثوب فلا يترتب عليها نجاسة الملاقي إلّا على القول بالأصل المثبت ، بداهة ان الملاقاة كانت مع الأطراف لا الكلي.