ولو كان تعدد الداعي مخلا بالوحدة لزم بطلان الصلاة إذا سجد المصلي لوجه الله وأطال سجوده بداعي آخر ، فانه عليه يكون التطويل سجدة أخرى ، وهي زيادة عمدية توجب البطلان.
وقد أورد على جريان الاستصحاب في هذا الفرض أيضا بأنه محكوم لاستصحاب عدم حدوث مقتضى البقاء ، أي الحركة الزائدة ، فان الشك فيه مسبب عن الشك فيه.
وفيه : ان السببية وان كانت ثابتة إلّا انه لا يترتب أثر على استصحاب عدم حدوث مقتضى البقاء ، وإثبات عدم تحقق المقتضي والمعلول به مثبت ، فلا يجري. فلا مانع من جريان استصحاب الحركة في شيء من الفروض الثلاثة. وما ذكرناه فيها جار في الجريان أيضا ، فانه وجود واحد مستمر ، وحافظ وحدته الاتصال ، والشك في بقائه تارة : يكون من الشك في الرافع ، وأخرى : الشك في المقتضي ، وثالثة : الشك في حدوث مقتضى البقاء ، على التفصيل المتقدم ، ويجري فيه الاستصحاب على جميع التقادير.
وقد ذهب صاحب الكفاية (١) إلى جريان الاستصحاب في الحركة ونظائرها من الجريان والسيلان ، ولو تخلل بين اجزائها سكون ما ، بدعوى : ان العرف لا يراه مخلا بالوحدة إذا كان يسيرا ، وإن كان مخلا بها بالدقة العقلية ، فتكون الحركة الحادثة بعد السكون مغايرة مع السابقة عليه عقلا لا بقاء لها ، وكذا حال الجريان والسيلان.
وفيه : أن نظر العرف وان كان أوسع من النّظر الدقي ، إلّا أنه لا ريب في اتفاق العقل والعرف على مضادة السكون مع الحركة ، كاتفاقهما على استحالة اجتماع
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٣١٦.