والظاهر أن جريان الاستصحاب فيه مبني على ما بيناه في بحث الواجب المشروط من رجوع القيود المأخوذة في الحكم إلى الموضوع أو إلى المتعلق. وقد ذكرنا هناك ان من ثمرات ذاك البحث جريان الاستصحاب التعليقي. فانه إن بنينا على رجوع القيود إلى الحكم دون الموضوع ، وانقسام الحكم إلى التعليقي والتنجيزي ، فلا مانع من جريان الاستصحاب في الحكم التعليقي ، لأنه حكم فعلي بفعلية موضوعه ، يشك في بقائه ، فيستصحب ، كما في التنجيزي ، مثلا بناء على رجوع القيد إلى الحكم تكون الحرمة أو النجاسة المعلقة على الغليان ثابتة لذات العصير وفعليتهما بفعليتها ، كما ثبت له الحلية والطهارة منجزة ، فلا مانع فيهما من الاستصحاب إذا شك فيهما من حيث سعة المجعول وضيقه. وأما بناء على رجوع القيد إلى الموضوع ، وعدم انقسام الحكم إلى قسمين ـ كما هو المختار ـ ، ولذا قلنا بأنه لا فرق بين أن يقول المولى : المستطيع يجب عليه الحج ، أو يقول : المكلف يجب عليه الحج إن استطاع ، فان الشرط يكون عنوانا للموضوع من ناحية المنطوق. نعم بينهما فرق من ناحية ثبوت المفهوم للكلام وعدمه. ولا ينافي هذا ما ذكره الشيخ من عدم رجوع القيد إلى المتعلق كما مرّ توضيحه في محله.
وعليه لا معنى للشك في الحكم التعليقي من حيث الشك في سعة المجعول وضيقه ، إذ لم يكن هناك مجعول متيقن يشك في سعته وضيقه سوى الملازمة العقلية بين ثبوت الجزء الآخر للموضوع وفعلية الحكم ، وهي حكم عقلي غير مختص بالحكم التعليقي ، بل جار في جميع موارد تحقق أحد جزئي العلة ، فان العقل يرى الملازمة بين تحقق الجزء الآخر وتحقق المعلول ، ولا معنى لإجراء الاستصحاب فيها.
وبالجملة الشك في بقاء الحكم يكون على أنحاء ثلاثة ولا رابع :