حيث ثبوت المرحلتين لها ، فيجري فيها ما تقدم. ونقول : اليقين بحدوثها في مرحلة الجعل وإن كان موجودا ، إلّا انه لا شك في بقائها. وفي مرحلة المجعول الشك في بقائها وإن كان متحققا ، إلّا أنه لم يتعلق اليقين بحدوثها ليستصحب ، فلا معنى لاستصحاب السببية على التقديرين.
بقي الكلام في بيان أمور :
أحدها : جريان الاستصحاب في جملة من الموارد التي تخيل الشيخ كونه استصحابا تعليقيا.
ثانيها : معارضة الاستصحاب التعليقي على فرض جريانه بالاستصحاب التنجيزي وعدمه.
ثالثها : جريان الاستصحاب التعليقي في الموضوعات وعدمه.
أما الأمر الأول : فقد ذهب شيخنا الأنصاري إلى جريان الاستصحاب في العقود التنجيزية إذا شك في لزومها وجوازها ، كبيع المعاطاة بعد فسخ أحد المتعاطيين ، فيستصحب الملكية السابقة. وأنكر جريانه في العقود التعليقية إذا شك في لزومها ، كالوصية والسبق والرماية ، فان ترتب الأثر عليها ليس منجزا ، وإنما هو معلق على تحقق أمر آخر ، كموت الموصى ، وسبق أحد المتعاقدين ، أو وصول سهمه إلى الغرض في السبق والرماية ، معللا له بأنه من الاستصحاب التعليقي ، فلا يجري ، مع أنه في المقام اختار جريان الاستصحاب في السببية والملازمة.
ونقول : القاعدة تقتضي عكس ذلك ، لأن الوجه في عدم جريان الاستصحاب في الحكم التعليقي كما عرفت انما هو عدم تمامية أركان الاستصحاب فيه من اليقين بالحدوث والشك في البقاء ، لأنه في مرحلة الجعل متيقن البقاء ، وفي مرحلة المجعول غير متيقن الثبوت.