ولكن في العقود التعليقية بعد ما تتحقق المعاملة بين المتعاملين ، والتزاما بمضمون العقد ، وأمضاه الشارع ، فقد جعل الشارع ذلك الأثر لكن إمضاء ، فبعد الفسخ يشك في بقاء جعل ذاك الأثر التعليقي وارتفاعه. فالفسخ نظير النسخ في الأحكام التكليفية ، من جهة كونه رافعا للجعل ، فيتحقق فيه كلا ركني الاستصحاب من اليقين بالحدوث والشك في البقاء ، فيجري فيه الاستصحاب ، كما كان يجري استصحاب بقاء الجعل إذا شك فيه في الأحكام التكليفية التعليقية لاحتمال النسخ ، ولا مانع منه سوى ما أنكرناه من جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية.
الأمر الثاني : ربما يتوهم وقوع المعارضة بين استصحاب الحكم التعليقي على تقدير جريانه وبين استصحاب بقاء الحكم المنجز الفعلي الثابت في مورده ، فانّ العصير الزبيبي قبل أن يغلي كان محكوما بالحل والطهارة الفعليتين ، ومحكوما بالحرمة والنجاسة التعليقيتين ، وبعد ما غلى نشك في بقاء حرمته ونجاسته التعليقية ، فنفرض جريان الاستصحاب فيها ، إلّا انّا نشك أيضا في بقاء حليته الفعلية وطهارته الثابتتين قبل الغليان ، فيستصحب ، فتقع المعارضة بينها ، فتتساقطان.
وقد أجيب عنه بوجهين :
أحدهما : ما ذكره الميرزا (١) من حكومة الاستصحاب في الحكم التعليقي على استصحاب الحكم التنجيزي ، لأن الشك في بقائه مسبب عن الشك فيه ، فان منشأ الشك في بقاء الحلية الفعلية وارتفاعها انما هو الشك في سببية الغليان فيه للحرمة والنجاسة وعدمها ، فإذا ثبت بالتعبد الشرعي سببية الغليان الثابت
__________________
(١) فوائد الأصول : ٤ ـ ٤٧٤ ـ ٤٧٥.