جدا ، فليس الاخبار عن الملزوم دائما اخبارا عن اللازم.
ومنها : ما ذكره الميرزا قدسسره (١) من ان الفرق بين الاستصحاب والأمارات من هذه الجهة انما هو من ناحية المجعول ، فان المجعول في الأمارات انما هي الطريقية ، وجعل ما ليس بعلم علما تعبدا ، فكما ان العلم الوجداني بتحقق الملزوم مع العلم بالملازمة يوجب العلم بالنتيجة وترتيب آثار اللازم ، كذلك العلم التعبدي بالملزوم يستدعي العلم باللازم في فرض العلم بالملازمة ، فيرتب آثاره. بخلاف الاستصحاب ، فان المجعول فيه هو الجري العملي على طبق اليقين السابق ، والمفروض ان اليقين لم يتعلق باللازم ، كما انه ليس ترتيب آثار اللازم من آثار اليقين ببقاء ملزومه تعبدا ، فلا وجه لحجية مثبتاته.
ونقول : أولا : نفرض صحة ما أفاده في الاستصحاب من كون المجعول فيه هو الجري العملي على طبق اليقين السابق ، فلا يستلزم ذلك ترتيب آثار لوازم المتيقن ، إلّا أنه لا وجه لقياس العلم التعبدي بالملزوم بالعلم الوجداني إذا تعلق به ، فان العلم الوجداني بالملزوم مع العلم بالملازمة يتولد منها علم ثالث ، وهو العلم بثبوت اللازم ، كما في الشكل الأول ، حيث ان الصغرى فيه مثبتة للملزوم ، والكبرى تثبت الملازمة ، فيحصل منها العلم باللازم والنتيجة ، فلمكان العلم باللازم يرتب آثاره. وهذا غير جار في العلم التعبدي ، فان العلم التعبدي بالملزوم لا يوجب العلم الوجداني باللازم بالبداهة. كما انه لا يوجب العلم به تعبدا ، لعدم تعلق التعبد به على الفرض ، مثلا إذا علم الإنسان وجدانا ببقاء زيد ، وعلم بملازمته مع نبات لحيته يحصل منها العلم بذلك ، فيرتب آثاره ، وأما إذا علم بحياته تعبدا ، فمورد التعبد هو الملزوم دون اللازم ، فلا يتعلق به العلم التعبدي ، كما لا يحصل من ذلك العلم به وجدانا ، فبأي سبب يرتب آثاره؟!
__________________
(١) فوائد الأصول : ٤ ـ ٤٨٧ ـ ٤٨٨.