وثانيا : قد عرفت ان المجعول في الاستصحاب ليس الجري العملي على اليقين السابق ، بل المجعول فيه الطريقية والتعبد ببقاء اليقين ، كما في الأمارة ، فمن حيث المجعول لا فرق بينهما. فالاستصحاب أيضا أمارة ، ولا ينافيه تقدم الأمارات عليه ، لأنه بملاك آخر سيتضح في محله. ومن هنا ترى تقدم بعض الأمارة على بعض ، فالبينة تتقدم على اليد ، والإقرار يتقدم على البينة ، وجميعها تتقدم على الاستصحاب.
فالصحيح : عدم الفرق بين الاستصحاب والأمارات ، لا من ناحية الدليل والمقتضي كما ذكر الآخوند ، ولا من ناحية المجعول كما ذكره الميرزا ، بل حال الأمارات والاستصحاب من حيث عدم حجية مثبتاتها على حد سواء ، غاية الأمر في الأمارات نلتزم بحجية مثبتاتها فيما لو قام الدليل عليها ، كما في الإخبارات مطلقا بجميع أنحائها ، فان السيرة القطعية العقلائية قائمة على حجية مثبتاتها وترتيب آثار لوازمها ، سواء كان المخبر ملتفتا إلى الملازمة أو لم يكن ، ولذا إذا اعترف أحد بملزوم كسقي السم لشخص مثلا أو إيصال سلك الكهرباء إليه يرتب عليه آثار لازمه من القتل الخطئي ولو كان منكرا للملازمة وانه يستلزم قتله. وأما غير الإخبارات من الأمارة فلم يقم دليل على حجية المثبتات. ومن هنا في باب القبلة جعل الظن أمارة عند تعذر العلم ، فإذا استلزم الظن بالقبلة دخول الوقت لا يرتب عليه آثاره أصلا.
بقي امران :
أحدهما : انه بناء على شمول أدلة الاستصحاب في نفسها لمثبتاته ، وترتيب آثار لوازم المستصحب العقلية والعادية ، وثبوت المقتضى له ، فهل يكون هناك مانع عنه أو لا؟