ذهب جماعة (١) تبعا لكاشف الغطاء إلى الثاني. وادعوا معارضة استصحاب بقاء الملزوم من حيث ترتيب آثار لازمه باستصحاب عدم اللازم ، إذ المفروض ان اللازم لم يكن متيقن الحدوث ، وإلّا لم يكن حاجة إلى التمسك بالأصل المثبت ، فاستصحاب بقاء الملزوم يثبت آثار اللازم ، واستصحاب عدم اللازم ينفي تلك الآثار ، فتقع المعارضة بينهما.
وأورد عليه الشيخ بأن الاستصحاب في الملزوم حاكم على استصحاب عدم اللازم ، حيث يرتفع به الشك فيه ، فيتقدم عليه بالحكومة (٢).
ونقول : الصحيح هو التفصيل بحسب اختلاف المباني في الاستصحاب. فبناء على القول بحجية الاستصحاب من باب الظن النوعيّ ، فلا مجال لتوهم استصحاب عدم اللازم والمعارضة أصلا ، لأنّ الظن بالملزوم الحاصل من الاستصحاب يلازم الظن باللازم أيضا ، ومع حصول الظن ببقائه كيف يجري استصحاب عدمه ويحصل منه الظن بعدمه ، مع انّ الظن بالوجود والعدم مما لا يجتمعان.
وأما لو بنينا على حجيته من باب التعبد ، فان بنينا حجية مثبتاته على ان التعبد بالملزوم تعبد بلازمه العقلي والعادي أيضا ، فيرتب عليه آثاره ، فما أفاده الشيخ يكون تاما ، إذ عليه بعد جريان الاستصحاب في الملزوم ، والتعبد ببقائه ، لا يبقى شك في بقاء اللازم ليستصحب عدمه ، فان منشأ الشك فيه كان هو الشك في ملزومه ، فيكون اللازم العقلي حينئذ كالأثر الشرعي الّذي يزول الشك فيه بالتعبدية ، كنجاسة الثوب المغسول بالماء المشكوك طهارته ، فإذا جرى في الماء استصحاب الطهارة زال الشك عن نجاسة الثوب لا محالة ، فحال اللازم العقلي على
__________________
(١) الفصول الغروية : ٣٦٥.
(٢) فرائد الأصول : ٢ ـ ٦٦١ (ط. جامعة المدرسين).