هذا المبنى حال اللازم الشرعي ، فالحكومة تامة. وأما لو بنينا حجية مثبتات الاستصحاب على ان التعبد بالملزوم تعبد بآثار لازمه لا بنفس اللازم ، من باب أن أثر الأثر أثر كما ذكره في الكفاية ، فالمعارضة ثابتة ، ولا حكومة ، لأن التعبد ببقاء الملزوم حينئذ لا يوجب التعبد ببقاء اللازم ، بل الشك فيه باق على حاله ، وهو مورد لاستصحاب العدم ، فتقع المعارضة بينهما من جهة آثار اللازم.
وبالجملة على هذا يكون هناك يقينان وشكان ، أحدهما : اليقين بحدوث الملزوم ، والشك في بقائه ، ثانيهما : اليقين بعدم اللازم ، والشك في بقائه ، وليس بينهما سببية شرعا. مثلا إذا شككنا في حياة زيد ، وفرضنا ان لازمها نبات لحيته ، فان كان التعبد بحياته تعبدا بنبات لحيته ، فلا مجال لاستصحاب عدمه بعد التعبد ببقاء حياته. وأما لو لم يكن كذلك ، بل كان التعبد بحياته تعبدا بترتيب آثار نبات لحيته شرعا ، فنفس نبات اللحية يكون مشكوك الحدوث ، والأصل عدمه ، فتقع المعارضة بينهما ، فلا بد من التفصيل.
إلّا أن إثبات الاستصحاب من باب الظن ، أو حجية مثبتاته من جهة ان التعبد بالملزوم تعبد باللازم دونه خرط القتاد ، فعلى فرض شمول أدلة الاستصحاب لترتيب آثار لازمه تكون المعارضة مانعة عنه.
الأمر الثاني : ان شيخنا الأنصاري (١) بعد ما بنى على عدم حجية مثبتات الاستصحاب ، وانه لا يترتب عليه آثار لوازم المستصحب ، استثنى منه ما إذا كانت الواسطة خفية ، بأن كان أثر الواسطة أثرا لذيها عرفا ، لأن الميزان في الأثر نظر العرف لا الدقة. ومثل لذلك بأمثلة ، منها : مسألة عدم الحاجب وانغسال المحل ، فان الانغسال وان كان من آثار وصول الماء إلى البشرة بالدقة ، إلّا انه أثر لنفس عدم الحاجب عرفا ، فيترتب على استصحاب
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢ ـ ٦٦٤ ـ ٦٦٥ (ط. جامعة المدرسين).