والظاهر أن شيئا من الموردين ليس داخلا تحت تلك الكبرى.
أما المورد الأول : فلأن اليقين بأحد العنوانين المتضايفين يستلزم اليقين بالعنوان الآخر ، فيجري في نفسه الاستصحاب ، ويرتب عليه آثاره ، فلا حاجة فيه إلى الأصل المثبت لما عرفت من ان مورده ما إذا لم يكن اللازم بنفسه متيقنا ، وإلّا فالأصل المثبت لغو محض. هذا ان أريد استصحاب أحد العنوانين المتضايفين.
وأما إذا كان ذات أحد المتضايفين متيقنا كذات الأب ، وبقاؤه كان مستلزما لوجود ابن له ، فاستصحب ذلك ، وأريد ترتيب آثار لازمه ، أعني وجود الابن ، فهو من أوضح أنحاء المثبت ، إذ ليس التعبد ببقاء ذات الأب ملازما للتعبد بوجود الابن له ، ولا مانع من التفكيك بينهما تعبدا أصلا.
وأما المورد الثاني : أعني العلة والمعلول ، فان أراد من العلّة العلّة التامة فاليقين بها مستلزم لليقين بالمعلول ، فيجري في نفسه الاستصحاب ، ويرتب عليه الأثر ، فلا مجال فيها للأصل المثبت كما في المتضايفين. وان أراد استصحاب بقاء السبب ، أعني جزء العلة ، وضمه إلى العلم الوجداني يتحقق الجزء الآخر ، وبما ان النتيجة تابعة لأخس المقدمتين ، لا محالة يكون تحقق اللازم أو ترتيب آثاره تعبديا وان كان أحد جزئي علته محرز بالوجدان ، فهو من أوضح أنحاء المثبت ، بل غالبا يكون الأصل المثبت من هذا القبيل ، فيكون أحد جزئي العلم محرزا بالوجدان ، ويحرز جزئه الآخر بالتعبد الاستصحابي ، ويرتب آثار المعلول. ففي مثال عدم الحاجب يكون وصول الماء إلى البشرة معلولا لصب الماء وعدم وجود الحاجب على البشرة ، ويكون أحد الجزءين وهو صب الماء محرزا وجدانا ، والجزء الآخر وهو عدم الحاجب يحرز بالتعبد الاستصحابي ، ومع ذلك لا يرتب أثر المعلول وهو الغسل مثلا ، لعدم الملازمة بين التعبد بأحد جزئي العلة والتعبد بالمعلول ، ولا مانع