ونقول : ما أفاده قدسسره تام في خصوص الفرض الأول ، أعني ما إذا كان النزاع في الضمان الواقعي. وأما في الفرضين الآخرين فلا مجال له أصلا ، إذ المفروض فيها اعتراف كليهما بدخول المال في ملك من تلف في يده ، فرضا المالك حاصل قطعا ، فكيف يستصحب عدمه ، وانما النزاع في الضمان بالبدل الجعلي للعين أو المنافع. بل لا يمكن فيها الرجوع إلى الاستصحاب حتى بناء على حجية مثبتاته ، للمعارضة ، فان أصالة عدم تحقق البيع تعارض استصحاب عدم تحقق الهبة ، وهكذا في الإجارة. كما انّ قاعدة المقتضي والمانع والتمسك بالعامّ في الشبهات المصداقية لا أساس لها. فلا بد فيها من الرجوع إلى الأصل الجاري في كل مورد بخصوصه لو لم يكن فيه نصّ. وقد ورد النص في بعض الفروض ، مثلما إذا اختلفا في مقدار الثمن ، وادعى المالك الزائد ، وأنكره المشتري ، فانه ورد في الصحيح أن الجنس ان كان موجودا يتبع قول البائع ، وان كانت تالفة اتبع قول المشتري.
ثم ان صاحب الكفاية ذكر في المقام أمورا أنكر فيها اندراج الاستصحاب في جملة من الموارد في الأصل المثبت (١) :
أحدها : أنه لا مانع من استصحاب الفرد وترتيب آثار الكلي عليه ، وأنه ليس من الأصل المثبت ، إذ ليس الطبيعي ملازما للفرد ، بل عينه خارجا ، فإذا شك في بقاء خمرية مائع خارجي يستصحب خمريته ، ويرتب عليه آثار طبيعي الخمر من الحرمة والنجاسة ونحوها.
ثانيها : أنه إذا لم يكن للأمر الانتزاعي كالملكية ونحوها حالة سابقة ليستصحب ، لا مانع من جريان الاستصحاب في منشأ انتزاعه ، ويرتب عليه آثار الأمر الانتزاعي ، إذ لا وجود للأمر الانتزاعي خارجا إلّا بوجود منشئه ، وليس
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٣٢٩ ـ ٣٣١.