السببية شرعية بان كان المسبب أثرا شرعيا للسبب ، والمقام ليس كذلك ، بل لأن مفروض الكلام ما إذا كان الأثر مترتبا على المركب أي الجزءين ، لا على العنوان البسيط المنتزع منه ، فانا أنكرنا إمكان إثباته بالاستصحاب الجاري في الاجزاء ، ومن الظاهر ان نفس المركب ليس إلّا نفس الأجزاء ، فإذا فرضنا انها محرزة بأجمعها ، بعضها بالوجدان ، وبعضها بالتعبد ، فلا يشك في تحقق المركب ليجري فيه الاستصحاب ويعارض به الأصل الجاري في الاجزاء.
إذا عرفت هذه المقدمة ، فاعلم ان صور المسألة كما ذكرنا ثمانية. لأن الحادثين اللذين يشك في تقدم أحدهما على الآخر ، تارة : يكون كلاهما مجهول التاريخ ، وأخرى : يكون أحدهما مجهول التاريخ دون الآخر. وأما كونهما معا معلومي التاريخ فلا يتصور مع فرض الشك في تقدم كل منهما على الآخر. وعلى التقديرين ، تارة : يكون الأثر مترتبا على أمر وجودي ، وهو التقدم أو التأخر أو التقارن ، فيراد بالاستصحاب نفي الأثر المترتب على ذلك ، وأخرى : يكون الأثر مترتبا على أمر عدمي ، أي عدم التقدم أو التأخر أو التقارن ، فيراد بالاستصحاب إثبات ذلك. وعلى التقادير الأربعة ، تارة : يكون الأثر مترتبا على وجود ذلك بنحو مفاد كان التامة أو على عدمه بنحو مفاد ليس التامة ، وأخرى : مترتب على وجوده أو عدمه بنحو مفاد كان أو ليس الناقصة. فهذه وجوه ثمانية :
أما الصورة الأولى : أي ما إذا شك في التقدم والتأخر في مجهولي التاريخ فيما إذا كان الأثر مترتبا على أمر وجودي ، فالظاهر جريان استصحاب عدم التقدم فيها ، وينفى به الأثر المترتب على ثبوته إذا لم يكن معارضا بمثله. وهو ما إذا كان الأثر مترتبا على التقدم من طرف واحد دون الآخر ، بان لم يكن لتقدم أحدهما المعين على الآخر أثر عملي واحد ليجري فيه الاستصحاب ، فيجري فيما له الأثر بلا معارض. أو كان لتقدم كل منهما أثر ، إلّا ان احتمال المقارنة أيضا كان موجودا ،