وقد تحصل مما ذكرناه فيه ان الاستصحاب يجري في جميع صوره الأربعة. فان كان الأثر مترتبا على تقدم أحدهما أو كل منهما على الآخر ، بنحو مفاد كان التامة أي وجود التقدم ، أو الناقصة أي الاتصاف بالتقدم ، أو كان الأثر مترتبا على عدم تقدم أحدهما أو كل منهما على الآخر بنحو العدم النعتيّ ، أي الاتصاف بالعدم ، ويعبر عنه بمفاد ليس الناقصة مسامحة ، فان العدم المحمولي يكون من قبيل المعدولة لا السالبة التي هي مفاد ليس الناقصة ، جرى في جميعها استصحاب عدم التقدم ، أو الاتصاف به ، أو بعدمه ، ويترتب عليه نفي الأثر إلّا إذا سقطا بالمعارضة. كما انّ الأثر إن كان مترتبا على عدم التقدم أو التقارن أو التأخر بنحو العدم المحمولي جرى الاستصحاب فيه ، ويترتب عليه الأثر المترتب عليه.
وأما إذا كان أحد الحادثين معلوم التاريخ والآخر مجهول التاريخ ، فيتصور فيه الصور الأربعة المزبورة. فان كان الأثر فيهما مترتبا على تقدم كل منهما على الآخر ، أو تأخره عنه ، أو تقارنه به ، بنحو مفاد كان التامة أو الناقصة ، جرى فيه استصحاب عدم التقدم ، أو الاتصاف به ، ويترتب عليه نفي الأثر. كما هو الحال فيما إذا رتب الأثر على اتصاف أحدهما بعدم التقدم على الآخر ، أو عدم تأخره عنه ، أو عدم تقارنه معه ، فانه يجري فيه استصحاب عدم الاتصاف وينفى به الأثر. كما ان الأثر ان كان مترتبا على عدم التقدم ، أو أخويه محموليا ، جرى فيه الاستصحاب ، ورتب عليه الأثر المرغوب ، إلّا إذا سقطا بالمعارضة. فلا فرق في هذه الصور الثلاثة بين مجهولي التاريخ وما إذا كان أحدهما مجهول التاريخ والآخر معلوم التاريخ.
وأما الصورة الرابعة ، أي إذا كان الأثر مترتبا على عدم كل من الحادثين في حال حدوث الآخر ، فهل يجري استصحاب العدم إلى زمان الآخر في كل من مجهول التاريخ ومعلومه ، أو لا يجري في شيء منهما ، أو يفصل؟ أما مجهول التاريخ ،