ولكن عرفت عدم اعتبار الاتصال في الاستصحاب ، وإلّا لم يجر في الشبهات البدوية أيضا إذا تردد زمان اليقين بالحدوث ، كما إذا علمنا بحدوث الطهارة ، وتردد زمان تحققها بين وقتين ، واحتملنا بقاؤها ، فان زمان اليقين مردد ، ولازم ما ذكره عدم جريان استصحاب الطهارة فيه. وهو قدسسره لا يلتزم به. فما هو المعتبر في الاستصحاب ليس إلّا اليقين بالحدوث والشك بالبقاء. ونحن إذا راجعنا وجداننا نرى انا شاكين في بقاء كل من الحادثين ، فنجري الاستصحاب فيهما ، ويسقطان بالمعارضة ، ولا بد من الرجوع إلى أصل آخر ، وهو يختلف في الطهارة الحدثية. ففيما إذا كان الشك في التكليف ، المرجع هو البراءة كحرمة مس المصحف. وفيما إذا كان التكليف محرزا والشك في السقوط كان المرجع قاعدة الاشتغال. وأما في الطهارة الخبثية فالمرجع قاعدة الطهارة مطلقا.
ثم ان الاستصحاب الجاري في المقام قد يكون شخصيا. وقد يكون كليا من قبيل القسم الثاني. وقد يكون من قبيل القسم الرابع باختلاف الموارد. مثلا إذا كان تاريخ أحد الحادثين معلوما دون الآخر ، فالاستصحاب في معلوم التاريخ شخصي. وأما مجهول التاريخ ، فان كان موافقا مع الحالة السابقة المتيقنة قبل العلم بحدوث الحادثين ، كما إذا فرضنا ان المكلف قام من النوم فعلم بعد ذلك بأنه بال وتوضأ ، وكان تاريخ الوضوء معلوما دون البول ، فاستصحاب الحدث حينئذ يكون من قبيل القسم الرابع ، لأنه يعلم بتحقق فرد مقطوع الارتفاع ، وهو الحدث الناشئ من النوم المتيقن سابقا ، ويعلم أيضا بتحقق عنوان ، وهو الحدث البولي ، يحتمل أن لا يكون مؤثرا ، لحدوثه قبل الوضوء ، فيكون حدثا على حدث ، فلا يكون مؤثرا ، وقد ارتفع قطعا ، كما يحتمل أن يكون مؤثرا ، لصدوره بعد الوضوء ، ويكون موجبا لحدث آخر وهو باق قطعا.
وهذا نظير ما إذا علمنا بجنابة في وقت خاص ، وعلمنا بارتفاعها ، ثم رأينا