خمر ، والمشكوك ليس حرمته بذاك العنوان ، بل حرمة الموجود الخارجي بما هو ، لا بما أنه خمر ، فالحكم ليس موردا للاستصحاب في نفسه على التقديرين ، أي على تقدير جريان الاستصحاب في الموضوع وعدمه.
وأما الحكم الكلي في مرحلة الجعل ، فالظاهر عدم جريان الاستصحاب فيه إذا شك في بقائه وارتفاعه بالنسخ ، لأن الشك في الجعل بعد احتمال النسخ يكون شكا في الحدوث، لا في البقاء ، لما ذكرناه سابقا من ان النسخ في الأحكام الشرعية ليس رفعا للحكم الثابت ، ولا تخصيصا افراديا ، لاستلزامه الجهل ، وانما هو تخصيص أزماني ، وبيان أمد الحكم.
وعليه فعند احتمال النسخ يكون الشك في سعة الجعل بحيث يعم هذا الزمان وضيقه ، ومن الواضح انه شك في حدوث الجعل لذاك الزمان ، والأصل عدمه ، فإذا كان هناك إطلاق لدليل نفس الحكم ، أو من الخارج أمكن إثبات استمرار الجعل به فهو ، وإلّا فلا يمكن إثبات بقائه بالاستصحاب.
فما ذكره المحدث الأسترآبادي من كون استصحاب عدم النسخ من الضروريات ليس بصحيح ، بل هو أشكل من الاستصحاب في غيره إذا أراد الاستصحاب المصطلح. اللهم إلّا ان يريد بالاستصحاب نتيجته ، أعني الحكم ببقاء الجعل ولو من جهة الإطلاق أو الدليل الخارجي ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «حلال محمد حلال إلى يوم القيامة» (١).
وأما الشك في بقاء الحكم الكلي المجعول ، كالشك في بقاء نجاسة الماء إذا تمم كرا ، أو إذا زال تغيره من نفسه ، فلا بد وان يكون ناشئا من تبدل امر وجودي بالعدم كما في الثاني ، أو انقلاب أمر عدمي بالوجود كما في المثال الأول ، وإلّا فلا مجال للشك.
__________________
(١) الكافي : ١ ـ باب البدع والرّأي والمقاييس ، ح ١٩.