ثم ان ذاك الأمر المتبدل على أقسام ثلاثة :
الأول : ان يكون بنظر العرف مقوما للموضوع والحكم ، بحيث إذا كان الحكم باقيا بعد تبدله يراه العرف حكما حادثا ، لا بقاء للحكم الأول ، كما في الاجتهاد بالقياس إلى وجوب التقليد ، فإذا فرضنا مجتهدا نسي ما كان يعلمه فصار عاميا ، فهو بنظر العرف يكون موضوعا آخرا ، وإذا ثبت وجوب تقليده كان هناك حكمان وموضوعان ، أحدهما وجوب تقليد المجتهد ، والآخر وجوب تقليد من كان مجتهدا. وهكذا إذا أمر بإكرام المؤمن فصار المؤمن فاسقا ، فان وجوب إكرامه بعده حكم مغاير عرفا لوجوب إكرام المؤمن.
الثاني : ان يكون بنظر العرف من الأوصاف والحالات ، وبتعبير علمي أن يكون من علل ثبوت الحكم لذات الموضوع ، كالقيام إذا أمر المولى بإكرام القائم ، فانه عرفا يكون معرفا للموضوع ، لا مقوما له. وفي هذا القسم يجري الاستصحاب في نفسه بلا إشكال ، مع قطع النّظر عن المعارضة.
الثالث : ان يشك العرف في كونه مقوما أو وصفا ، كما إذا أحرق الخشب فصار فحما بالإضافة إلى جواز السجود عليه ، فان العرف يشك في ان وصف الخشبية مقوم للحكم ، أو انه ثابت لما ينبت من الشجر سواء كان خشبا أو فحما. وهكذا المتنجس إذا استحال ، كالخشب المتنجس إذا أحرق فصار رمادا ، فان العرف يشك في كونه الصورة النوعية في المتنجس مقوم الموضوع في الحكم بالنجاسة أو انها من الأوصاف.
نعم في الأعيان النجسة تكون الصور النوعية مقومة للموضوع ، ولذا لو وقع الكلب في المملحة ، أو الدم فصار ملحا لم يحكم بنجاسته ، ولو حكم بنجاسته لكانت الأعيان النجسة أكثر من العشرة. وأما المتنجس إذا استحال فيمكن أن لا تكون الصورة النوعية مقومة للموضوع ، ولذا ذهب المحقق الثاني على ما حكاه