الأمارة ، فيكون مصداقا لنقض اليقين باليقين لا بالشك.
توضيحه : ان كل حجة لا بد وان تنتهي إلى اليقين ، الّذي حجيته ذاتية ، وإلّا لتسلسل ، فالأمارة وان لم تكن موجبة لليقين بمؤداها ، إلّا ان حجيتها متيقنة ، وإلّا لم يمكن الاجتزاء بها مؤمنا. وعليه فالناقض لليقين السابق ، يكون هو اليقين بحجيتها.
وفيه : ان الناقض لليقين السابق لا بد وان يكون اليقين المتعلق بارتفاعه ، لا اليقين بشيء آخر أجنبي عنه ، فانه يستحيل ان يكون ناقضا له.
وبالجملة اليقين بحجية الأمارة وإن كان ثابتا ، إلّا ان حجية الاستصحاب متيقنة ، ولا وجه لرفع اليد عن إحدى الحجتين بالأخرى بلا مرجح. فكل هذه الوجوه الثلاثة في تقريب الورود فاسدة.
فالصحيح : ان الوجه في تقدم الأمارات على الاستصحاب هو الحكومة. توضيحه : ان انتفاء الحكم العام عن بعض الأفراد تارة : يكون من جهة كون أحد الدليلين رافعا عن الآخر بعض أفراد موضوعه ، من دون أن يكون نافيا لموضوعه ، كقوله عليهالسلام «نهى النبي عن بيع الغرر» (١) بالنسبة إلى قوله سبحانه (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(٢) وهذا هو التخصيص الشائع المتعارف حتى قيل : ما من عام إلّا وقد خص. وأخرى : يكون انتفاء الحكم عن فرد من جهة خروجه عن الموضوع تكوينا ، من دون حاجة إلى التعبد ، وهو التخصص. وبينهما أمران : أحدهما الورود ، والآخر الحكومة. وهما وسطان بين التخصيص الّذي ليس ناظرا إلى نفي الموضوع أصلا ، والتخصص الّذي يكون انتفاء الموضوع فيه تكوينيا من غير حاجة إلى التعبد.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٢ ـ باب ٤٠ من أبواب آداب التجارة ، ح ٣.
(٢) البقرة : ٢٧٥.