الصلاة في اجزاء الحيوان مترتب على حليته ذاتا وبطبعه. كما ان عدم جواز الصلاة فيها أيضا مترتب على حرمة أكله ذاتا وفي طبعه ، فإذا أحلّ الحيوان المحرم لضرورة أو تقية أو مخمصة لم يجز في اجزائه الصلاة. كذلك إذا حرم المحلل بالعرض لنذر أو ضرر أو صوم ونحو ذلك.
وبالجملة فجواز الصلاة في أجزاء الحيوان حكم مترتب على حلية أكله في نفسه لا لعارض ، ولو للترخيص الظاهري المستفاد من الأصل.
نعم ربما تستفاد الحلية الذاتيّة الطبعية من الأصل المحرز أحيانا ، كما إذا احتمل الجلل في حيوان ، فان استصحاب عدم الجلل يثبت حليته ذاتا فيترتب عليه جواز الصلاة في اجزائه ، وهذا بخلاف أصالة الحل كما هو ظاهر.
وبالجملة التنافي بين الاستصحابين قد يكون من باب التعارض. وقد يكون من باب التزاحم. فانهما كما يجريان في الأحكام الواقعية يجريان في الأحكام الظاهرية أيضا. وفي مورد التعارض يرجع إلى مرجحات باب المعارضة من أقوائية أحد الدليلين. وفي مورد التزاحم لا يرجع إلى ذلك ، بل يرجع إلى مرجحات باب التزاحم من الأهمية ونحوها.
والسر في ذلك انه في فرض التعارض يكون التنافي في ثبوت الحكمين المدلولين للدليلين لموضوع واحد أو ما في حكمه ، كما إذا دل دليل على وجوب شيء ، ودليل آخر على حرمته أو عدم وجوبه ، فان ثبوتهما معا مستلزم لاجتماع الضدين أو النقيضين ، وهو مستحيل ، فالتنافي يكون بين نفس الحكمين. وأما في التزاحم فلا تنافي بين ثبوت الحكمين والدليلين أصلا ، وانما التنافي بين موضوعيهما ، فان القدرة مأخوذة في موضوع كل من الحكمين ، اما شرعا واما عقلا ، وصرف القدرة في كل منهما ينافي صرفها في الآخر ، فالتنافي يكون بين فعلية الموضوعين ، فان فعلية كل منهما يستلزم عدم فعلية الآخر ، وانتفاء حكمه حينئذ