في البين إجمالا أي نجاسة أحدهما ، وفي هذا الفرض يسقطان معا ، لما تقدم من ان جريانهما معا مستلزم للمخالفة القطعية ، وفي أحد الطرفين معينا ترجيح بلا مرجح ، وفي أحدهما لا بعينه مخيرا وان كان ممكنا إلّا انه يحتاج إلى دليل آخر وهو مفقود ، فيسقطان معا.
وأما إذا لم يكن إلزام معلوم بالإجمال ليخالفه جريان الاستصحابين ، كما إذا علم إجمالا بطروء الطهارة على أحد الإناءين المعلوم نجاستهما ، فانه ليس هناك حكم إلزاميّ معلوم بالإجمال يكون استصحاب النجاسة في كليهما منافيا له ، فليس في البين إلّا مخالفة التزامية ، والعلم بمخالفة أحد الأصلين للواقع.
وفي هذا الفرض لو كان الأصلان غير محرزين لا مانع من جريانهما. وأما ان كانا محرزين ففي جريانهما وعدمه خلاف. ظاهر الكفاية (١) هو الجريان ، ومنع الميرزا (٢) تبعا للشيخ (٣) عن ذلك.
وتظهر الثمرة ، بعد وجوب الاجتناب عن الطرفين على كلا المسلكين للعلم الإجمالي ، في ملاقي أحد الطرفين ، فانه على مسلك الشيخ لا يجب الاجتناب عنه ، لأنه ملاقي بعض أطراف الشبهة. وعلى المسلك الآخر يجب ، لأنه ملاقي لما حكم بنجاسته تعبدا. فلا بد من البحث في ان دليل الاستصحاب هل يعم كلا الطرفين أو لا؟
وبالجملة مجرد العلم الإجمالي بمخالفة أحد الأصلين للواقع يمنع عن جريانهما أم لا؟ وقع الخلاف في ذلك بين الاعلام. فذهب الشيخ وتبعه الميرزا إلى الأول ، والآخوند إلى الثاني.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٣٥٦.
(٢) أجود التقريرات : ٢ ـ ٤٩٩.
(٣) فرائد الأصول : ٢ ـ ٧٤٣ (ط. جامعة المدرسين).