إلّا ان تجاوز المحل العقلي كاف في جريان قاعدة التجاوز ، لأنها ليست وظيفة عملية تعبدية ، بل هي من الأمارات على ما استظهرنا من الأدلة ، والتعليل فيها وعموم العلة يقتضي جريانها عند تجاوز المحل العقلي أيضا ، لأن الأذكرية النوعية في المحل العقلي أيضا متحققة.
وفيه : ان القاعدة وان كانت من الأمارات النوعية ، إلّا انها انما اعتبرت شرعا في مقام الامتثال لا مطلقا. وعموم العلة لا يقتضي التعدي إلّا إلى ما يكون مماثلا لموردها ، فالأذكرية النوعية الكاشفة عن الإتيان بالمشكوك جعلها الشارع حجة في مقام امتثال المأمور به دون غيره.
ويؤيد الاختصاص أنه لم يتوهم أحد جريان قاعدة التجاوز بتجاوز المحل العادي ، كما إذا فرضنا أن أحدا كان من عادته الصلاة في أول الوقت ، فشك في يوم بعد تجاوزه ، أو كان معتادا بالاستنجاء بعد البول ، فشك فيه بعد القيام عن البول ، مع ان الأذكرية النوعية متحققة في تجاوز المحل العادي أيضا.
والحاصل : انه إذا شك في صحة العمل بعد الفراغ عنه ، لأجل احتمال الإخلال بشرط من شروطه تجري فيه قاعدة الفراغ ، ويترتب عليها صحة ما أتى به دون ما لم يأت به بعد.
وأما إذا شك في ذلك في أثناء العمل ، فان كان الشرط معتبرا في مجموع العمل حتى الأكوان المتخللة في البين ، لا بد من الاعتناء بالشك ، لعدم صدق التجاوز بالإضافة إلى حال الشك.
وإن كان الشرط لمجموع العمل. فان كان من قبيل الشرط المقارن ، جرت قاعدة التجاوز في الأجزاء السابقة دون اللاحقة. وإن كان من قبيل الشرط المتقدم ، وكان له محل شرعي سابق على العمل ، جرت القاعدة في نفس الشرط ، لصدق تجاوز محله ، وترتب عليه صحة الأجزاء السابقة واللاحقة والأعمال الآتية